اختلف قول الشافعي -رحمة الله عليه. في الكفارة هل تعتبر لحال الوجوب أو لحال الأداء؟ فنص هاهنا أنه يعتبر لحال الأداء وبه قال مالك وأبو حنيفة، ووجهه أن الكفارة معنى له بدل من غير جنسه فكان الاعتبار فيها حال الأداء كالطهار، ولأن الصلاة تعتبر بحال الأداء في القيام والقعود عند القدرة والعجز كذلك الكفارة. وقال في "كتاب الأيمان": الاعتبار فيها لحال الوجوب وبه قال أحمد؛ لأنها عقوبة للتكفير والتطهير فيعتبر لحال الوجوب كالحد وهذا لا يصح لأنه لا تجوز الزيادة في الحد، وهاهنا لو أخرج العتق مع جواز الصوم يجوز فجاز أن يزيد تغير الحال بخلاف الحد وفيه قول ثالث فخرج الاعتبار فيها بأغلط الأحوال لأنه حق يجب في الذمة بوجود مال فاعتبر فيه أغلط الأحوال كالح وهذا لا يصح أيضًا لأنه يعتبر في الحج حال الأداء لأنه أوجب عليه وهو صحيح، ثم ومن يجوز له الاستنابة والأول أصح، وهو اختيار المزني.
فإن قلنا: الاعتبار بحالة الأداء، فإن كان في حال التكفير معسرًا لم يلزمه العتق وفرصة الصوم، وإن كان في حال الوجوب موسرًا إلا أنه يختار العتق ويحمله فيكون أفضل [١٦٤/ ب] وإن كان عند التكفير موسرًا يلزمه العتق، وإن كان وقت الوجوب قويًا قدرًا على الصوم ولو لم ويسر بالعتق فكفارته الصيام. وإن قلنا: الاعتبار بحالة الوجوب؛ فإن كان وقت الوجوب موسرًا ثم أعسر ففرضه العتق قال الشافعي: وأحب أن يصوم حتى إن مات قبل أن يحد الرقبة يكون قد أتى بشيء، فإن صام ثم وجد الرقبة يلزمها إعتاقها، وإن كان وقت الوجوب معسرًا يجوز له الصوم، وإن كان موسرًا عند الأداء، فإن أعتق المذهب أنه يجوز وقيل: فيه وجه آخر أنه لا يجوز لأنه لا يخرج عن الصوم بالمال كما لا يخرج عن المال بالصوم. وإن قلنا: الاعتبار بأغلط الأحوال ففي أي حال كان موسرًا لم يجز إلا العتق. وأما قول الشافعي: كما حكمه في الصلاة حين يصلي: أو أذنه في القعود والقيام وستر العورة واستقبال القبلة، والطهارة بالماء والتراب، والقدرة على القراءة والعجز عنها كما يعتبر بحال أداء الصلاة كذلك هاهنا. فإن قيل: أليس العبد إذا وجبت عليه كفارة الظهار ثم عتق قبل أن يؤدي وأيس لم تجب عليه الكفارة بالعتق اعتبارًا بحال الوجوب دون حال الأداء؟ قلنا: الفرق أن حالة الوجوب لم تكن ممن تجب عليه العتق ولا يجزيه فلم يلزمه بتغير الحال كخلاف مسألتنا.
فرع
إذا كان معسرًا في حال الوجوب وقلنا: الاعتبار لحال الوجوب فآخر الأداء شهرًا ثم شرع في الصوم فصام شهرًا ثم مات وهو واحد للرقبة هل يلزم الإطعام لصوم شهر أو يلزم الإعتاق أو إطعام ستين مسكينًا أما الإعتاق لا يلزم لأنه لم يكن واجبًا في حال الحياة وأما الإطعام [١٦٥/ أ] فواجب وما هو فيه وجهان؛ أحدهما: يلزمه الإطعام لصوم شهر لأنه لما دخل في الصوم تعين فوجب الإطعام لما لم يقضه إذا كان متمكنًا