الإجارة يمسكه بحصته قولًا واحدًا، لأن الثمن قابلهما جميعًا، فإن تلف أحدهما لم تنتقل حصته من الثمن إلى الآخر؛ بل بقي بحصته بخلاف ما لو كان أحدهما ميتًا عند العقد؛ لأن العوض لا يقابل الميت، وهذا اختيار أبي حامد.
وقال بعض أصحابنا: يجيء فيه القولان لتفريق الصفقة؛ لأن الفساد الطارئ بعد العقد قبض القبض بمنزلة المقارن، وكذلك هل يمسك الباقي بحصته من الثمن أو بكل الثمن؟ قولان، ذكره القاضي الطبري، أو القاضي أبو حامد وهذا ضعيف عندي، ومن أصحابنا من قال: هذا مرتب على القسم الأول فإن قلنا: هناك. يبطل في الكل فههنا قولان، وقال بعض أصحابنا بخراسان: هذا إذا لم يقبض أحدهما، فإن قبض أحدهما وتلف الآخر في يد البائع ترتب على ما لم يقبض أحدهما [ق ٦ ب].
فإن قلنا: لا يبطل هناك في القائم فههنا أولى، وإن قلنا هناك يبطل فههنا قولان. والفرق أنه تأكد بالقبض بخلاف ذاك، وإن وقعت الصفقة على سلعة بعينها كثوب أو دار فاحترق بعض الثوب أو انهدم بعض الدار، أو كان عبدًا فذهب بعض أعضائه فإنه يأخذ ما بقي ناقصًا بكل الثمن إن اختار الإجازة. وروى البويطي هذا ثم قال: وقد قيل: يأخذه ويقسط عنه ما يقبض بحصته من الثمن، وهذا غلط والمذهب الأول، هذا إذا كان بآفة سماوية فإن جنى عليه فقد ذكرنا، والقسم الآخر أن يكون الآخر تالفًا عند المشتري بأن يتلف أحد العبدين عنده ويتلف الآخر عند البائع، أو يكتري دارًا فيسكنها بعض السنة، ثم انهدمت فما مضى من السنة من منفعته مقبوضة تالفة ومنفعة الباقي تلفت قبل القبض، فالحكم فيه ما قلنا أن الفساد لا يؤدي إلى التالف عند المشتري أو عند المستأجر، وهل له الخيار في الفسخ فيما تلف عنده حتى يرد قيمته ويسترد كل المسمى أو في الدار يغرم أجرة المثل لما مضى ويسترد المسمى كله؟ قولان، أصحهما ليس له ذلك بخلاف ما لو كان الباقي قائمًا يمكن رده، والباقي له الخيار {ق ٧ أ) كما في القائم، ثم سواء قلنا: لا خيار له أو قلنا: له الخيار فاختار الإجازة فإنما يلزمه بالصحة قولًا واحدًا للعلة التي ذكرنا بكل ما قلنا في البيع والإجازة فمثله في المسلم إذا قبض البعض ثم انقطع جنس المسلم فيه من أيدي الناس وقلنا: ينفسخ العقد فيما بقي بنفاد المسلم فيه.
فأما إذا قلنا: لا ينفسخ ولكن يثبت للمشتري حق الفسخ فالكلام فيه كالكلام في الرد بالعيب، وهو القسم الآخر أن يكون الفسخ بالاختيار وله حالتان أيضًا إما أن يكون الآخر الذي لا عيب به أو لا يريد رده قائمًا أو تالفًا، فإن كان قائمًا فهل له تفريق الصفقة؟ قد ذكرنا قولين، وإذا جوزنا ورد أحدهما رده بحصته من الثمن، ولا يجوز غير هذا لأنه لو رده بكل الثمن يكون ظلمًا، وإن أمسك الباقي بكل الثمن باختياره فدعت فائدة الرد، وإن كان الآخر تالفًا، فإن قلنا: هناك له تفريق الصفقة فههنا أولى وإلا فقولان وقد ذكرنا ذلك.