في "الأم": لو صلى الإمام عليها وهو غير متوضئ، ومن خلفه متوضئون تجوز صلاتهم، فإن كان كلهم غير متوضئين أعادوا، فإن كان منهم ثلاثة متوضئون جازت فاعتبر أقل الجمع. وقال المزني في "الجامع الكبير": قال الشافعي: عندي إن صلى واحد أجزأه. فالظاهر أن المسألة على قولين: أحدهما: ما ذكرنا. والثاني: يكفي أن يصلي عليها واحد، لأنها صلاة ليس من شرطها الجماعة فلم يكن من شرطها العدد. وقال بعض أصحابنا بخراسان فيه ثلاثة أوجه: والوجه الثالث: لا بد من أربعة نفر، وهذا ليس بشيء.
فرع
قلت: الأولى كثرة المصلين عليها بالجماعة وأن لا يكون أقل من ثلاثة صفوف لما روى مالك بن هبيرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب". وكان مالك بن هبيرة إذا صلى على جنازة فاستقل الناس [٣٣١ أ/٣] جزأهم ثلاثة أجزاء. وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا يموت أحد من المسلمين فيصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون أن يكونوا مائة فيشفعوا له إلا شفعوا فيه"، وروي: مائة فما فوقها. وروى ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه". وروى أن ابناً له مات بعسفان، فقال لكريب: انظر ما اجتمع له من الناس، فأخبره باجتماع الناس فقال: أربعون؟ فقال: نعم قال: أخرجوه. فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر هذا الخبر.
فَرْعٌ آخرُ
قال في "الأم": وأحب أن تكون الصلاة على الميت صلاة واحدة ولا يحبس بعد الفراغ منها لصلاة من فاتته الصلاة عليه، ويصلي على القبر، اللهم إلا أن يرجى حضور الوالي فلا بأس أن يحبس حتى يحضر ويصلي عليه، وهذا إذا لم يخف التغير. وأصحابنا لا يختلفون أن من لم يصل عليها يجوز له أن يصلي، وأما من صلى هل يصلي ثانياً؟ وجهان: أحدهما: يستحب أن يصلي مع الجماعة كما في سائر الصلوات. والثاني: أنه لا يصليها، لأنه لا ينتقل بها وإذا صلى جماعة آخرون ينوون الفرض، لأن [٣٣١ ب/٣] فعل غيرهم ما أسقط الفرض عنهم، بل أسقط الحرج. وعند أبي حنيفة لا يصلى عليها إلا مرة واحدة.