ومن كنت خصمه خصمته رجل أعطاني صفقةً يمينه نم غدر"، وروي " رجل أعطى بي ثم غدر" الخبر وأيضًا قال - صلى الله عليه وسلم: "مثلكم ومثل من مضى من الأمم كمثل رجل [١٥٣/ ب] استأجر أجيرًا من الصبح إلى الظهر بقيراطٍ ألا فعملت اليهود " الخبر وأيضًا روي أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "أيعجز أحدكم أن يكون كصاحب الفرق" وذكر قصةً ثلاثةً من بني إسرائيل ألجأهم المطر إلى غارٍ وذكر أحدهم إني استأجرت أجيرًا بفرق من بر فعمل ولم يأخذ أجرته فزرعه له حتى نمى وصار قدرًا عظيمًا ثم عاد الأجير فدفع إليه جميعه.
وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أراد الهجرة قال: يا عليّ ارتد لنا دليلا من الأزد فإنهم أوفى للعهد فاستأجر عبد الله بن أريقط الليثى من الأزد دليلًا إلى المدينةً، وروت عائشةً رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر استأجرا رجلًا من الذيل خريتًا عالمًا بالهدايةً، وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من استأجر أجيرًا فليعلمه أجره".
وأما الإجماع قال الشافعي: عمل بها بعض الصحابةَ والتابعين ولا اختلاف في ذلك بين أهل العلم ببلدنا وعوام أهل الأمصار، وروي أن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه آجر نفسه من يهودي فاستقى له الماء كل دلو بتمرةٍ حتى استقى بضعا وأربعين دلوًا، وروي أنه كان يستقي الماء لامرأةً يهوديةً كل دلوٍ بتمرةٍ، وقال أبو هريرة: آجرت نفسي من ابنةَ غزوان بملء بطني، وإنما استقصى الشافعي في هذا الفصل لما بلغه من قول بعض السلف وهو ابن كيسان أن الإجارةً لا تصح لأنها لا ترد على منفعةُ لم تخلق بعد إلا أن هذا القائل ليس ممن يعدّ في الفقه خلافه. وروي عن عبد الرحمن الأصم والقاشاني وإسماعيل ابن علية وبعض المتكلمين أنه لا تجوز الإجارةً ولا اعتبار بخلافهم أيضًا لأنهم ليسوا من أهل الصنعةً، وقال الشافعي: هذا القول جهل من قائله ولأن الحاجةَ داعيةً إلى جوازها لأن كل أحدٍ لا يجد دارًا يسكنها [١٥٤/ أ] ملكًا ولا يجد من يتطوع به فجوز الإجارةً كما جوّز سائر البياعات فإذا ثبت جوازها فإنما تجوز على الوجهين إما أن يعقد على مدةٍ ومعلومةً، أو على عمل معلوم ولا يجوز أن يقدر المدةَ والعمل معا فيقول: استأجرتك كخيط لي ثوبًا في يوم أو أسبوع خلافًا لأبي يوسف ومحمد لأن ذلك يؤدي إلى التضاد فإنه ربما يفرغ من العمل في المدةً ولا يمكنه أن ينصرف لأنه قد بقي بعض المدة ولا يمكن المستأجر أن يطالبه بالعمل ثانيًا لأنه تمم العمل الذي استأجره عليه وقد يمضي اليوم ولا يكون