قد فرغ من العمل فلا يمكنه أن ينصرف لأنه بقي بعض العمل ولا يمكن المستأجر أن يطالبه بالعمل لأن المدةَ قد انقضت فيؤدي ذلك إلى التضاد فلا يصح.
مسألة: قال: "والإجاراتُ صنفٌ من البيوعِ".
فاصل
وهذا كما قال: الإجارةً صنف من البيوع لأنها تمليك المنافع بعوض فكانت بمنزلةُ تمليك العين الحاضرةً بعوض وهل تنعقد بلفظ البيع؟ وجهان: أحدهما: تنعقد لأنها بيع المنافع، والثاني: لا تنعقد لاختصاصها بالاسم والحكم والإجارةً عقد لازم لا يجوز لأحد المتآجرين فسخها إلا بعيب كما نقول في البيع: فإذا اكترى دكانًا ليبيع فيه بزًا فاحترق البزّ أو أفلس لم يكن له فسخ الإجارة، وكذلك إذا اكترى جملًا ليسافر فمرض وانقطع عن القافلةً ليس له فسخ الإجارةً، وكذلك إذا اكترى دكانا ليبع فيه البز فمرض ولا يتمكن من التجارةً فيه ليس له الفسخ وهذا لأن المعقود عليه بحاله يمكن قبضه والمانع في العاقد دون المعقود عليه فلم يتعلق به ثبوت الخيار وبه قال مالك والثوري وأبو ثور، وقال أبو حنيفة: للمكتري فسخ الإجارةً بالأعذار وكذلك للمكتري وهذا غلط لما ذكرنا من المعنى.
فرع
لو استأجر ليقلع سنّه للوم جاز فإن سكن الوجع قبل قلعه لم يكن له قلعه ويحرم ذلك وانفسخ عقد الإجارة لأنه بمنزلة تلف المعقود عليه وإن لم يسكن الوجع وامتنع من القلع لم يجبر عليه [١٥٤/ ب] وقيل له: إما أن تقلع سنك أو تترك قلعهُ ولكن يلزمك أن تدفع إليه أجرته لأنه مكنك من المعقود عليه وإنما الامتناع من استيفائه من جهتك فهو كما لو اكتريت دارا فمكنك منها فامتنعت من قبضها لزمك أجر المثل كذلك هاهنا.
وقال القاضي الطبري: لو مات هذا الأجير بعد هذا التمكين انفسخ العقد عندي لأن المعقود عليه لم يكن مقبوضا للمكتري وإنما تلف في يد المكري، ألا ترى أن من تزوج بامرأةً فمكنته من نفسها كان لها أن تطالب بالمهر فإن طلقها قبل الدخول سقط نصف المهر وإن ارتدت الزوجةً سقط جميع المهر لأنه لم يوجد منها غير التمكين ولم يصر مقبوضًا للزوج فكذلك ها هنا، فإن قيل: أليس إذا اكترى دابةً ليركبها إلى موضع معلوم فحبسها مدةً يمكنه أن يركبها إليه فلم يفعل لزمته الأجرةً وإن تلفت الدابةً في يده بعد مضي هذا القدر من الزمان لم تسقط الأجرة وكذلك إذا مضى من الزمان مقدار ما يمكن قلعه وجب أن تستقر الأجرة قلنا ت هذا غلط لأن منافع الدابة صارت مقبوضةً له فإذا تلفت في قبضه ويده استقرت الأجرةً عليه وها هنا منفعةً القلاع لم تصر مقبوضةً