مسألة: قال: "ولو حلف بعتق عبده ليضربنه غدًا فباعه اليوم فلما مضى غدٌ اشتراه".
الفصل
هذه مسألة مبنية على مسألة في الطلاق، وهي إذا قال لها: أنت طالق إن دخلت الدار، ثم أبانها فدخلت الدار لم تطلق، فإن تزوجها بعد ذلك ثم دخلت الدار لم تطلق أيضًا؛ لأن الصفة قد وجدت دفعة فانحلت اليمين. ولو لم تدخل الدار في حال البينونة ثم تزوجها فدخلت هل تعود الصفة؟ قد ذكرنا أنه إن أبانها بدون الثلاث ثم تزوجها، ففي القديم تعود اليمين قولاً واحدًا، وفي الجديد قولان. وإن أبانها الثلاث ففي الجديد لا تعود قولاً واحدًا، وفي القديم قولان.
فإذا ثبت هذا فهاهنا إذا قال لعبده: إن لم أضربك غدًا فأنت حر، فإن جاء الغد وهو مالكه، فإن ضربه بر في يمينه، وإن لم يضربه حنث، إلا أنه لا يعتق؛ لأنه ليس في ملكه. فإن اشتراه بعد ذلك لا يؤثر شيئًا؛ لأن وقت اليمين قد فات.
وفرَّع أصحابنا على هذا إذا قال: إن لم أضربك غدًا فأنت حر، ثم جاء الغد وتمكن من ضربه فلم يضربه ثم باعه قبل غروب الشمس لا يعتق أيضًا، لأن الصفة قد وجدت وهي حالة الغروب وليس العبد في ملكه فلم يعتق. ولو باع العبد قبل أن يضربه ثم ابتاعه قبل غروب الشمس من الغد وتمكن من ضربه هل تعود اليمين حتى إذا لم يضربه عتق أم لا يعود؟ فيه قولان. واختلف أصحابنا على أي أصل يبنى ذلك، فمنهم من قال: هو بمنزلة البينونة [١/ ب] بعد الثلاث، وقد تقدم هذا في "كتاب الخلع". وقال القفال: العود بملكٍ جديد في هذا الرق يشبه العود بنكاح جديدٍ قبل زوج آخر، وإن أعتقه وهو كافر فاسترق فملكه من الرق الجديد، فهو كالعود في النكاح بعد زوج آخر في الجديد لا يعود الحنث، وفي القديم قولان.
فرع
لو قال: والله لأضربنك غدًا، فإن ضربه في الغد برَّ، وإن لم يضربه حنث عند غروب الشمس، وإن باعه قبل الغروب وفاته الضرب حنث أيضًا وتلزمه الكفارة. والفرق بين هذه المسألة والتي قبلها أن اليمين هناك معلقة بالعتق وذلك تعلق بعين العبد ولا يمكن ذلك؛ لأن العبد غير مملوك له فحنث ولزمته الكفارة عند تمكنه من الضرب وتفويته إياه على نفسه.
فرع آخر
لو قال: إن لم أضربك غدًا فأنت حر، فباعه قبل مجيء الغد ثم اشتراه بعد انقضاء غده، قال ابن أبي هريرة: يعتق عليه وينتقض البيع ويرجع بثمنه لاستحقاق عتقه قبل بيعه وهذا غلط؛ لأن نفوذ البيع أوجب زوال ملكه.