لو رهنه قبل غده وافتكه بعد غده ففي عتقه عليه ثلاثة أقوال بناء على إعتاق المرهون.
مسألة: قال: "ولو قال لعبده أنت حر إن بعتك فباعه بيعًا ليس ببيع خيار فهو حر".
الفصل
إذا قال لعبده: إن بعتك فأنت حر فقد علق عتقه على بيعه، فإن باعه مطلقًا عتق عليه؛ لأن صفة العتق مصادفة عقيب البيع والخيار ثابت له في تلك الحالة وهو خيار المجلس. ولو باشره بالعتق عتق فكذلك إذا وجدت الصفة عتق خلافًا لمالك وأبي حنيفة؛ لأن عندهما لا يثبت خيار المجلس. ولو باعه بشرط خيار الثلاث عتق بالإجماع عندنا لثبوت الخيارين؛ خيار المجلس وخيار الشريك، وعندهما لثبوت خيار الثلاث. وقد ذكرنا أنه لو باعه على أن لا خيار له فيه، ظاهر كلام الشافعي هنا مقتضى صحة البيع وأن لا يعتق عليه؛ لأنه قال:"فباعه [٢/ أ] بيعًا ليس ببيع خيار" لم يعتق.
وقيل: قوله: "ليس ببيع خيار"، لم يرد به هذا، بل أراد ليس ببيع شرط فيه خيار ثلاثة أيام، وقصد به الرد على مالك وأبي حنيفة حيث شرطا في نفوذ العتق هنا شرط خيار الثلاث وهذا هو الصحيح، وهو الذي نص عليه في البويطي، وذكره أبو إسحاق، واختاره القاضي أبو حامد. وقال القاضي أبو حامد: هذا يسقط تأويل من قال من أصحابنا: إن معناه ليس ببيع شرط فيه إبطال خيار المجلس عند عقد البيع وجعل جواز اشتراط إبطال خيار المجلس مع العقد قولاً للشافعي بهذا اللفظ، وقد ذكرنا في البيع فيه ثلاثة أوجهٍ، والصحيح بطلان البيع والشرط، وهو ظاهر قوله في "كتاب البيوع"؛ لأنه شرط ما ينافي مقتضى العقد ولا يتعلق به مصلحة العقد. وعلى هذا لا يعتق العبد أيضًا؛ لأن الصفة لم توجد، وإذا قلنا يصح العقد دون الشرط يعتق؛ لأن الصفة توجد.
مسألة: قال: "ولو قال إن زوجتك أو بعتك فأنت حر، فزوجه أو باعه بيعًا فاسدًا لم يحنث".
هذا على ما ذكر صحيح؛ لأن ظاهر اللفظ ينصرف إلى الصحيح دون الفاسد، ووافقنا المزني في عقد بصور مرة صحيحًا ومرة فاسدًا مثل هذا العقد. فأما إذا قال: إن بعت خمرًا أو خنزيرًا فأنت حر لا يحنث عند الشافعي بحالٍ، لأن البيع الصحيح لا يتصور فيها بحالٍ، وقال المزني: يحنث.
وكذلك لو قال: لا أبيع الخمر فباعها لا يحنث عندنا خلافًا للمزني. واحتج بأنه لا يبيع الخمر إلا فاسدًا، فكأنه لم يرد إلا وجود لفظ لا يجافي القبول وقد وجد ذلك، وهذا غلط لما ذكرنا.