للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْوَالِهِمْ} [النساء: ٣٤] يعني أن الرجال أهل قيام على نسائهم في تأديبهن والأخذ على أيديهن فما يجب لله تعالى وللرجال عليهن وقوله: {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: ٣٤] يعني بما فضل الله تعالى له الرجال على النساء من العقل والرأي وبما أنفقوا من أموالهم من المهور والقيام بالكفاية ثم قال: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: ٣٤] يعني فالصالحات المستقيمات الدين العاملات بالخير ويعني بالقانتات المطيعات لله تعالى ولأزواجهن وحافظات للغيب أي لأنفسهن عند غيبة أزواجهن ولما أوجبه من حقوقهم عليهن وفي قوله: {بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: ٣٤] تأويلان:

أحدهما: يعني بحفظ الله تعالى لهن حتى صرن كذلك وهو قول عطاء.

والثاني: بما أوجبه الله تعالى على أزواجهن من مهورهن ونفقاتهن حتى صرن بها محفوظات وهو قول الزجاج.

وقد روى ابن المبارك عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم:» خير النساء امرأة نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالها ونفسها ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: ٣٤] إلى آخر الآية.

ثم قال تعالى: {واللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ واهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ واضْرِبُوهُنَّ فَإنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} [النساء: ٣٤] فأباح الله تعالى معاقبتها على النشوز بثلاث أشياء بالعظة والضرب والهجر ثم قال: {فَإنْ أَطَعْنَكُمْ} [النساء: ٣٤] يعني في الإقلاع عن النشوز {فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} [النساء: ٣٤] فيه تأويلان:

أحدهما: فلا تقابلوهن بالنشوز عنهن.

والثاني: أن لا تكلفها مع الطاعة أن تحبك.

وأما القسم الثالث: من النشوز فهو أن يشكل حال الزوجين فيه فلا يعلم أيهما هو الناشز على صاحبه فهو الذي ذكرنا فيه أن الحاكم يسكنها في جوار أمينه ليراعيهما ويعلم الناشز منهما فيستوفي منه حق صاحبه أو ينهيه إلى الحاكم حتى يستوفيه.

والقسم الرابع: أن يكون النشوز في كل واحد من الزوجين على الآخر فهو الذي أنزل الله تعالى فيه: {وإنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} [النساء: ٣٥] وسيأتي في الباب الآتي.

فإذا تقررت هذه الجملة فهذا الباب مقصور على نشوز الزوجة ولا يخلو حالها من ثلاثة أقسام:

أحدها: أن يخاف نشوزها بأمارات دالة عليه من غير إظهار له مثل أن يكون عادتها أن تلبي دعوته وتسرع إجابته وتظهر كرامته فتعدل عن ذلك فلا تلبي له دعوة ولا تسرع له إجابة ولا تظهر له كرامة ولا تلقاه إلا محبة ولا تجيبه إلا متبرمة لكنها مطيعة له في

<<  <  ج: ص:  >  >>