وبعضه حرًا كان بالمقدار المملوك ملتحقًا بالمماليك، وهذا نقصان ظاهر بمنعه حكم الملك المطلق ولا يكتسب كسبًا قليلًا ولا كثيرًا إلا وفيه لسيده شركة بسبب ما يملك من رقبته ولهذا لا يستغني عن مهايأة أو مقاسمة سوى المهايأة، وما دام في رقته شيء من أدق فهو مرهون بهذا النقص وما دام موصوفًا بهذا النقص فالأولى أن يستدام فيه آثار نقصان الرق إلى أن يستكمل صفة الحرية.
وأما ما ذكر من الميراث فيه قولان:
أحدهما: لا يرثه أحد، وإن سلمنا أنه يورث بقدر ما فيه من الحرية نقول: إذا مات وبعضه حر، وفي يده مال من حصة حريته، فهذا السيد كامل الملك ومن أهل الميراث وقد انقضى اعتبار نقصان الرق في الرقيق بموته فغلبنا جانب سيده الذي أعتقه ألا ترى أنه موروث هذا الشخص الذي بعضه رقيق وبعضه حر لو مات فلا ميراث له لأنه حين يأخذ الميراث بما فيه من نقصان الرق فكذلك لا يجوز أن يلزمه شيء من نفقة الأحرار وهو حين يلتزمها ناقص ينقص الرق.
وقد قال الشافعي في الجديد: لو أذن السيد لعبده فتمتع بالعمرة إلى الحج فلا يجزيه سوى الصوم ولو ملكه سيده شاة ليذبحها لم تجزه لأنه مملوك.
ثم قال: ولو مات العبد فذبح السيد عنه شاة وقعت موقعها ففاصل بين حياته وموته، وأيضًا الميراث مبني على التبعيض والنفقة لا تتبعض ألا ترى أن الحرة إذا سلمت نفسها بالليل دون النهار أو بالنهار دون الليل لم يستحق من النفقة شيئًا.
وأما ما ألزم المزني من الكفارة كيف يستقيم إلزامه وهو لا يجعله في النفقة كالحر المطلق ولكن يجعل حكمه [ق ١٩٩ ب] مبعضًا والشافعي لم يبعض حكمه في الكفارة في إلزامه الإطعام وإنما غلب جانب الحرية في الكفارة؛ لأن الكفارة حيث تجب إنما تجب بعقد اليمين والعبد والحر في عقد اليمين سواء، وهذه النفقة إنما يجب بعقد النكاح، ومن نصفه حرّ ونصفه عبد كالمملوك في عقد النكاح ألا ترى أنه لا يستغني عن الاستئذان فجاز أن يلحقه في مقدار النفقة بالمملوك كما لو ألحقناه في أصل عقد النكاح وعدد المنكوحات، ثم يعارضه بأنه لا يكفر بالعتق فدل أنه بمنزلة العبد، وقيل: إذا قلنا العبد لا يملك بالتمليك ولا يكفر إلا بالصيام، وإنما يكفّر بالإطعام على قوله القديم أنه يملك بالتمليك.
وأما زكاة الفطر فإنها تتبع النفقة وإذا كان بعضه حرًا وبعضه رقيقًا يلزمه من نفقة نفسه مقدار حريته فتتبعها الزكاة بقدرها والتبعيض في زكاة الفطر غير مستنكر فإن العبد قد يكون مشتركًا بين السادات فيلزم كل واحد منهم بمقدار حصته بين نفقته.
فأما التبعيض في النفقات فما وجدنا له أصلًا ولا قائلًا يقول به فأما تغليب الحرية، وأما تغليب الرق ويبعد تغليب الحرية لما ذكرنا من عقد النكاح فوجب تغليب الرق. فإن قيل: النفقة تتبعض فإنها تلزم على المتوسط مد ونصف قيل: هذا ليس بتبعيض بل هو نفقة