للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتأخرين بعد شذوذ الخلاف من المتقدمين، فصار مردوداً بإجماع انعقد على قياس جلي.

والثالث: انها ردت باجتهاد ظاهر الشواهد فلم يجز أن ينقض باجتهاد خفي الشواهد، لأن الأقوى أمضى من الأضعف، وإنما يتعارضان إذا تساويا في القوة والضعف، على أن الاجتهاد لم يكن في الحكم بشهادته، وإنما حكم بها، لأنه لم يعلم انه عبدتم علم بعبوديته قطعاً فوجب أن يقضي بعلمه على ما اشتبه وأشكل.

فثبت أن الحكم بشهادة العبد والكافر مردود، وقد وافق عليه أبو حنيفة، ومالك، وجمهور الفقهاء.

فصل:

فإذا ثبت أن الحكم بها مردود، فقد أختلف أصحابنا، هل يقع باطلاً لا يفتقر إلى الحكم بنقضه، أو يكون موقوفاً على وجوب الحكم بنقضه؟ بحسب اختلافهم في المانع من الحكم به.

فمن جعل دليل رده نصاً أو إجماعاً، جعله باطلاً لا يفتقر إلى الحكم بنقضه، لكن على الحاكم أن يظهر بطلانه لما قدمه من ظهور نفوذه.

ومن جعل ردة قوة الاجتهاد في شواهده، جعله موقوفاً على وجوب الحكم لا ينقضه لأن غيره شواهده معلومة بالاجتهاد فصار موقوفاً على الحكم بنقضه وهذا هو الظاهر من مذهب الشافعي رضي الله عنه لأن قال من بعد: ورد شهادة العبد إنما هو بتأويل.

وليس بتحريف السجل نقضاً للحكم حتى ينقضه بالحكم قولاً، ووجب عليه أن يسجل بالنقض كما أسجل بالحكم ليكون السجل الثاني مبطلاً للسجل الأول، كما صار الحكم الثاني ناقصاً للحكم الأول، فإذا لم يكن قد أسجل الحكم لم يلزمه الإسجال بالنقض، وإن كان الإسجال به أولى.

مسألة:

قال الشافعي رضي الله عنه: "بل القاضي بشهادة الفاسق أبين خطأ منه بشهادة العبد وذلك أن الله جل ثناؤه قال: {وأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} [الطلاق: ٢] وقال: {مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] وليس الفاسق بواحدٍ من هذين فمن قضى بشهادته فقد خالف حكم الله ورد شهادة العبد إنما هو تأويل وقال في موضع آخر إن طلب الخصم الجرحة أجله بالمصر وما قاربه فإن لم يجئ بها أنفذ الحكم عليه ثم إن جرحهم بعد لم يرد عنه الحكم. قال المزني: قياس قوله الأول أن يقبل الشهود العدول

<<  <  ج: ص:  >  >>