للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: إنا أبا الحد أولى بالولاء لولادته.

والثاني: إن العم أولى بالولاء لقربه.

والثالث: إن أبا الجد والعم سواء يشتركان في الولاء يترتبون بعد ذلك ترتيب العصبات، فإن لم يكن للمولى عصبة فمولى المولى، فإن لم يكن فعصبته ثم مولاه كذلك أبداً ما وجدوا، فإن لم يوجدوا ووجد مولى عصبته: فإن كان مولى آبائه وأجداده ورص، لأن الولاء يسري إليه من أبيه وجده، وإن كان مولى أبنائه أو أخواته لم يرث، لأن ولاء الابن لا يسري إلى أبيه ولا إلى أخيه، فإن لم يكن له إلا مولى من أسفل قد أنعم عليه بالعتق لم يرثه في قول الجماعة.

وقال طاوس: له الميراث استدلالاً برواية عوسجة عن ابن عباس أن رجلاً مات ولم يدع وارثاً إلا غلاماً له كان اعتقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل له أحد" قالوا: لا إلا غلاماً له كان اعتقه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراثه له والدليل على أن لا ميراث له: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الولاء لمن اعتق".

وروى أن عبد الله بن عمر كان يورث موالي عمرو دون بناته، لأن المولى الأعلى ورث لإنعامه فصار ميراثه كالجزاء، والمولى الأسفل غير منعم فلم يستحق ميراثاً ولا جزاء، فأما إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم ذلك له فيجوز أن يكون ذلك طعمة منه، لأنه كان أولى بمال بيت المال أن يضعه حيث يرى، والله أعلم.

فصل: والولاء للمعتق في النسب، وصورته أن يعتق الرجل عبداً ثم يموت السيد ويخلف ابنين فيرثان ماله بينهما ثم يموت أحد الابنين ويخلف أبناً فينتقل ميراث ابنه عن الجد إليه فإذا مات بعد ذلك العبد المعتق ورثه ابن المولى دون ابن ابنه. وقال شريح وابن الزبير وسعيد بن المسيب وطاوس ينتقل الولاء انتقال الميراث فيصير ولاء المعتق بين الابن وابن الابن، لأن الميراث السيد المعتق صار إليهما ولم يجعلوا الولاء للكبير اعتباراً بمستحق الولاء عند موت المولى الأعلى ومن جعل الولاء للكبير اعتبر مستحق الولاء عند موت المولى الأسفل وبتوريث الكبير. قال جمهور الصحابة والفقهاء تعلقاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب ولا يورث" فلو جعل كالمال صار موروثاً، ولأن المال ينتقل بموت المولى الأسفل إلى عصبة مولاه الأعلى وليس ينتقل إلى المولى بعد موته فينتقل إليهم كالمال فلذلك صار مخالفاً للمال، فعلى هذا لو مات المولى الأعلى فترك أخاً لأب وأم، وأخاً لأب فأخذ الأخ للأب والأم، لأنه الآن أقربهما إلى المولى الأعلى ومن جعله موروثاً كالمال جعله لابن الأخ للأب والأم، لأنه صار أحق بميراث المولى الأعلى وللولاء كتاب يستوفي فروعه فيه مع جر الولاء وما يتعلق عليه إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>