للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان بارًا بالإجماع، وقال أبو إسحاق: هو كالدين الحال على معسر أو مليء جاحد فيكون على قولين والصحيح هذا لأن الدين المؤجل هو مملوك لكن تتأخر به المطالبة كما تتأخر المطالبة عند المعسر للاعتبار، والدين على أنه مملوك أنه يصح [١٤٥ أ/٤] الإبراء عنه قبل محله، وقال بعض أصحابنا بخراسان: إذا جاء الحول قبل حلول الأجل يزكي في الحال في أحد الوجهين وفي الوجه الثاني: يزكي لما مضى عند الاستيفاء وقبله لا يلزمه الإخراج وهذا غلط، وإن كان الدين غير لازم كمال الكتابة لا يلزمه زكاته لأن ملكه لم يتم عليه لأن له أن يعجز نفسه، ولو كان على مليء وله بينة أو يعلمه الحاكم فالذي يقتضيه المذهب أنه تجب الزكاة فيه، وقادت إن علمه الحاكم يجب، وإن كان ببينة لم تجب لأنه ربما لا يقبلها الحاكم وهذا غلط، لأن البينة هي حجة كعلم القاضي، وروي عن سهل بن قيس المازني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على من أسلف مالًا زكاة" (١) وقيل: المذهب أنه يلزم وهل يلزم الإخراج؟ وجهان، إحداهما: لا يلزم لأن يده قاصرة عن ماله، والثاني: يلزم لأن تأخير حقه كان برضاه ولم يوجد الرضا من المساكين، وأما المال الغائب فإن كان لا يعرف موضعه أو كان يعرف موضعه ولكن لا يصل هو إليه فهو بمنزلة المدفون الذي لا يعرف موضعه والمغصوب، وإن كان يعلم موضعه وهو مقدور [١٤٥ ب/٤] عليه مثل أن يكون مع مضاربه في بلد آخر أو في بلد آخر أو مع وكيله أو مع عبده المأذون له في التجارة، قال بعض أصحابنا: يلزمه إخراج زكاته في الحال كالوديعة نم إما أن يأمر بإخراج زكاته في بلد المال فيجزيه قولًا واحدًا أو يخرجها في بلده فتجريه في أحد القولين، وقال بعض أصحابنا بخراسان فيه وجهان:

إحداهما: هذا، والثاني: أنه لا يلزمه الإخراج في الحال، فإذا استوفاه زكاه لما مضى والأول أصح.

ومن أصحابنا من قال: إن المال الغائب ثلاثة أقسام:

أحدها: أن يكون مستقرًا في بلد تعرف سلامته فيلزمه إخراج زكاته في البلد الذي هو فيه.

والثاني: أن يكون سائرًا غير مستقر ويعرف سلامته فلا زكاة قبل وصوله إليه فإذا وصل زكاه لما مضى قولًا واحدًا.

والثالث: أن يكون سائرًا ولا يعرف سلامته فهو كالمال الضال والمعصوب فإذا تقرر هذا رجعنا إلى مسألة الكتاب إذا كان ماله عينًا ودينًا فإن كانت في يده مائة درهم عين ومائة درهم دين له على رجل أو غائب عنه، فإن كان الدين أو الغائب بحيث يلزمه [١٤٦ أ/٤] إخراج الزكاة عنه في الحال يلزمه أن يخرج من المائة في الحال، وإن كان بحيث لا يلزمه إخراج الزكاة عنه في الحال ويلزمه إذا رجع إليه في أحد القولين لم


(١) أخرجه ابن عدى في "الكامل" (٦/ ٢٢١١)

<<  <  ج: ص:  >  >>