متلف وجب مثله، فإذا قوم لزمت قيمة المثل في المثليات في حق الآدمي. وأما ما ذكره يبطل الصيام يعدل بالإطعام، ولا يعدل بالقيمة.
مسألة: قال: وكل دابة من الصيد لم يسمها ففداؤها قياساً على ما سميا فداءه الصيد الذي له مثل على ضربين، فما حكمت فيه الصحابة بالمثل لا يعدل عنه إلى غيره، لأن حكم الصحابة والرجوع إلى قولهم أولى من غيرهم، لأنهم شاهدوا التنزيل وحضروا التأويل، فهم أعلم من غيرهم، وما لم تحكم فيه الصحابة يرجع فيه إلى اجتهاد عدلين، فينظر إلى أقرب الثلاثة للأجناس من النعم شبهاً بالصيد المقتول فأوجبناه.
وقال مالك: يجب التحكم فيما حكمت فيه الصحابةء وفيما لم تحكم، وهذا غلط، لأن الله تعالى قال:{يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}[المائدة: ٩٥]، وقد حكم به ذوا عدل، ولأن الحكم بخلاف ما حكموا به يؤدي إلى تخطئتهم في المثلية، فلم يجز ذلك، وقال قبيصة بن جابر الأسدي: أصبت ظبياً وأنا محرم، فأتيت عمر رضي الله عنه، ومعي صاحب لي، فذكرت له، فأقبل على رجل إلى جنبه فشاوره، فقال لي: اذبح شاة، فلما انصرفنا، قلت لصاحبي: إن أمير المؤمنين لم يدر ما يقول [٢٠٤ / أ]، فسمعني عمر، فأقبل علي ضرباً بالدرة، فنقال: أتقتل الصيد وأنت محرم، وتغمض الفتيا؟ قال الله تعالى في كتابه:{يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ}[المائدة: ٩٥] الآية. ها أنا ذا عمر وهذا ابن عوف.
فرع
قال الشافعي: وأحب أن يكونا فقيمين، ويجوز أن يكون القاتل أحد العدلين، وإنما يكون القاتل عدلاً إذا أخطأ فيه، فأما إذا تعمد فسق، فلا يقبل قوله فيه.
ومن أصحابنا من قال: لا يجوز ذلك كما لا يجوز في تقويم المتلفات. وبه قال مالك: وهذا غلطء لأن الجزاء يتعلق بحق الله تعالى، فكان مخالفاً لحقوق الآدميين من تقويم المتلفات، وهو كما يقبل قوله في الزكاة لهذا المعنى، وعلى هذا قال أصحابنا: يجوز أن يكونا قاتلين.
فرع آخر
لو اختلف فيه اجتهاد عدلين من الفقهاء ولم يؤخذ بقول واحد حتى ينضم إليه قول غيره فيصير اثنين.