للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امتنعن نشزن وسقطت نفقاتهن.

فصل:

والثالثة: أنه يريد السفر ببعضهن دون بعض فله ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد فعل ذاك في أكثر أسفاره ولأنه لما جاز أن يسافر بجميعهن فأولى أن يسافر ببعضهن. ولما جاز أن يترك جميعهن فأولى أن يترك بعضهن وإذا كان كذلك فليس له أن يتخذ بعضهن للسفر إلا بالقرعة التي تزول بها عنه التهمة لما روته عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها ولأنهن قد تساوين في استحقاق القسم فلم يجز أن يميزهن فيه من غير قرعة كابتداء القسم فإذا أقرع بينهن ليسافر بواحدة منهن فأيتهن قرعت سافر بها على ما سنذكر من صفة القرعة في بابها ولو راضاهن على السفر بواحدة منهن بغير قرعة جاز فإن امتنعن بعد الرضا من تسليم الخروج لتلك إلا بالقرعة كان ذلك لهن إذا لم يشرع في الخروج فإن شرع فيه وسافر حتى جاز له القصر لم يكن لهن ذلك واستقر حتى المتراضي سفرها وتعين ذلك لها ولو أراد الزوج بعض خروجها على المراضاة أن يردها بعد شروعه في السفر جاز لأن له أن يعتزلها في السفر فجاز له ردها من السفر وكذلك الخارجة معه بالقرعة ولو أقرع بينهن فقرعت واحدة منهن فقال الزوج لست أريدها فإن قال ذلك لأنه لا يريد السفر بواحدة منهن جاز وإن قاله مريدًا للسفر بغيرها لم يجز لأنه قسم قد تعين حقها بالقرعة.

فصل:

وإذا سافر بواحدة منهن عن قرعة أو تراضٍ لم يقض للمقيمات مدة سفره مع الخارجة سواء كان في السفر مخالطًا لها أو معتزلًا عنها، لأن عائشة رضي الله عنها لما حكت قرعة رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن يسافر بها لم تحك بأنه قضى باقي نسائه مثل مدتها ولو فعل لحكته.

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرع بين نسائه لبعض أسفاره فخرجت القرعة لعائشة وحفصة رضي الله تعالى عنهما فسافر بهما ولم يقض للباقيات. ولأن المسافرة معه وإن حظيت به فقد عانت من لأواء السفر ومشاقه ما صار في مقابلته كما أن المقيمات وإن أوحشهن فراقه فقد حصل لهن من رفاهة المقام ما في مقابلته فلا يجمع لهن بين القسم والرفاهة التي حرمتها المسافرة.

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: «وَكَذَلِكَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ باثْنَتَيْن أَوْ أَكْثَرَ أَقْرَعَ».

قال في الحاوي: وهذا صحيح يجوز للزوج أن يسافر بواحدة من أربع وباثنين منهن وبثلاث ويخلف واحدة كما جاز له أن يسافر بواحدة ويخلف ثلاثًا لكنه يستعمل القرعة في إخراج الواحدة فإذا قرع اثنان منهن وسافر بهما قسم بينهما في سفره كما كان يقسم بينهما في حضره إلا أن يعتزلهما فيسقط القسم لهما ولا يقضي المقيمين مده سفره بالخارجتين وإن قسم لهما كما لا يقضي مدة سفره بالوحدة فلو سافر بواحدة منهن بالقرعة ثم أراد في

<<  <  ج: ص:  >  >>