للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلم إلا بإحدى ثلاث .... " الخبر، وقيل: كان هذا رجلًا مشهورًا بالفساد فلهذا أمر بقتله أول مرة ثم في المرة الثانية ثم في الثالثة ثم في الرابعة ثم في الخامسة حتى قتل، ولعل فعل ذلك بوحي من الله تعالى واطلاع منه على ما سيكون منه فكان هذا خاصةً فيه، وقال مالك: للإمام أن يجتهد في تعزير المفسد ويبلغ به ما يرى من العقوبة، وإن زاد على مقدار الحد وإن رأى أن يقتل قتل واحتج بهذا الخبر.

وروى عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن رجلًا من أهل اليمن أقطع اليد والرجل قدم فنزل على أبي بكر رضي الله عنه وشكا إليه أن عامل اليمن ظلمه وكان يصلي من الليل فيقول أبو بكر: وأبيك ما ليلك بليل سارقٍ، ثم إنهم افتقدوا حليًا لأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر فجعل الرجل [٧٤/ب] يطوف معهم ويقول: اللهم عليك بمن بيت أهل البيت الصالح فوجدوا الحلي عند صائغ زعم أن الأقطع جاء به فاعترف الأقطع أو شهد عليه فأمر به أبو بكر رضي الله عنه فقطعت يده اليسرى، وقال أبو بكر: والله لدعاءه على نفسه أشد عليه عندي من سرقته، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أشهد أن ابن عمر قطع رِجل رجلٍ بعد يد ورجل سرق الثالثة، وروى الإمام البيهقي عن عمر رضي الله عنه. فإن قيل: روينا أن أبا بكر رضي الله عنه أراد أن يقطع رجلًا بعد يد ورجل فقال عمر: السنة اليد قيل: هذا غير مشهور وما رويناه أصح، وأما ما روي عن علي رضي الله عنه قلنا قيل: هذا لا يصح عنه لأن الحدود لا تترك بالاستحياء ثم يعارض أقوال الصحابة وما يوافق السنة أولى بالإتباع، وأما القياس الذي ذكر فلا يصح لأنه تقطع اليدان والرجلان قصاصاً ولا يراعى تفويت منفعة الجنس كذلك هنا.

فرع

إذا سرق في الخامسة قال الشافعي: يعزر ويحبس قال أصحابنا: والتعزير في ذلك إلى رأي الإمام، فإن رأى أن يحبسه دون الضرب فعل، وإن رأى أن يضربه ويطلقه فعل وإن رأى أن يجمع بينهما فعل، وعن عثمان بن عفان وعبد الله بن عمرو بن العاص وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم أنهم قالوا: يقتل في الخامسة [٧٥/أ] احتجاجًا بالخبر الذي ذكرنا وقد ذكرنا أنه منسوخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>