للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع آخر

يقطع من قاطع الطريق في المرة الأولى يده اليمنى ورجله اليسرى، ثم في المرة الثانية تقطع يده اليسرى ورجله اليمنى وعند أبي حنيفة لا يقطع في المرة الثانية أصلًا قياسًا على ما ذكرنا في السارق.

فرع آخر

تقطع يده من الكوع، وتقطع رجله من المفصل الذي بين الساق والقدم، وقال قومٌ من السلف: تقطع أصابع اليد دون الكف، وتقطع الرجل من عند مقعد الشراك ويترك له ما يمشي عليه وبه قال الرافضة، وروي هذا عن علي رضي الله عنه في روايةٍ شاذةٍ، وقال: أدع له ما يعتمد عليه وبه قال أبو ثور والمشهور عنه مثل مذهبنا، وقالت الخوارج: تقطع اليد من المنكب لأن اسم اليد يتطلق عليه. وهذا غلط للخبر الذي ذكرنا، وروي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما قالا: إذا سرق السارق فاقطعوا يده من الكوع وأما ما ذكروه فلا يصح لقوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة:٦] فدل أن اسم اليد اسم لما دون ذلك. فإن قيل: قال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ} وإنما يكتب بالأصابع فلا يقطع غيرها قيل: الكتابة تكون بالقلم وإمساكه بجميع اليد، ولو كان المراد به ما يباشر بالكتابة فإنما يكتب بثلاثة أصابع لا بالخمس. [٧٥/ب]

مسألة: قال: يقطع بأخف مؤنةٍ وأقرب سلامةٍ.

إذا أراد قطع يد السارق يساق إلى موضع القطع سوقًا رفيقًا لا تعنف به ولا يقابل بسبٍّ ولا بشتم ولا تعيير، ولا يقطع قائمًا حتى يجلس ويمسك عند القطع حتى لا يضطرب ولا يضربها بالسكين فربما يخطئ موضع المفصل ولكن يضع السكين عليها ويعتمد جذبها بقوته حتى تنفصل بجذبةٍ واحدةٍ. قال الإمام الصيمري: يستحب للإمام أن يتولى ذلك بنفسه فإن استعان بغيره جاز وهذا غريب، وقيل: قال الشافعي: ويقطع بأخف مؤنةٍ وأمضى حديدةٍ وأقربه إلى السلامة، والذي أعرف من ذلك أن يجلس ويضبط وتمد يده بخيط حتى يتبين مفصلها ثم تقطع بحديدةٍ حادة ثم يحسم بالنار لأن القطع جالسًا أمكن من قطعه قائمًا والضبط لئلا يتحرك فيجني على نفسه. قال أصحابنا: وتوضع يده على شيء فتبان بضربةٍ أو يمر السكين عليها دفعةً واحدةً ولا يقطع بحديدٍ كال لأن القصد قطعها دون تعذيبه والحسم بالنار أن يغلي الزيت ثم يغمس موضع القطع عقيب القطع لتجف أفواه العروق فلا يجري منها الدم فينزف فيموت، وقيل: هذا إذا كان الرجل حضريًا فإن كان بدويًا حسمت بالنار فقط لأنه عادتهم وإنما أمرنا بذلك لما روي عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>