فإن فعل فهو ضامن فرفع شرطه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأجازه.
وأما الإجماع ما ذكره الشافعي رحمة الله عليه عن عمر رضي الله عنه وتمام الحديث أن عبد الله وعبيد الله ابني عمر رضي الله عنهم لما انصرفا من غزوة نهاوند اجتازا بالعراق وعليها أبو موسى الأشعري رضي الله عنه فقال لهما: إني أريد أن أصلكما بشيء وليس عندي ما أصلكما به ثم قال: نعم عندي من مال بيت المال مائة ألف درهم فأعطيكماها لتتجرا بها وتُسلما المال إلى أمير المؤمنين بالمدينة والربح لكما فأخذا المال واشتريا به من متاع العراق فربحا فيه بالمدينة ربحًا كثيرًا ثم أخبرا عمر بذلك فقال: أوَ أعطى كل رجل من المسلمين مثل ما أعطاكما؟ قالا: لا فقال عمر: أبناء أمير المؤمنين إنما أعطت لمكانكما منى فأدَّيا المال والربح اجعله في بيت المال، فسكت عبد الله ولم يراجع أباه بشيء، وقال عبيد الله وهو أصغرهما: أرأيت لو تلف هذا المال أما كان من ضماننا قال: نعم قال: فالربح إذا فأعاد عمر كلامه فراجعه عبيد الله فقال عبد الرحمن بن عوفٍ رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين لو جعلته قَراضًا ففعل فأخذ منهما المال ونصف الربح.
فإن قيل: كان المال قَراضًا فكيف جعله قرضًا؟ قلنا: قال أصحابنا: كان قرضًا صحيحًا لأن أبا موسى أراد أن يحمله [١١٠/ أ] إلى المدينة وخاف عليه فجعله قرضًا وكان الربح لهما، ولكن عمر رضي الله عنه استطاب قلبهما عن نصف الربح وللإمام أن يفعل ذلك بطيب قلب الصاحب والغرض التورع من أنه تقرب إليهما لمكانه، ولهذا قال: كأني بأبي موسى يقول: أبناء أمير المؤمنين، ومن أصحابنا من قال: كان قرضًا فاسدًا إذ كان شرط رد المال بالمدينة فحكمه حكم المغصوب غير أن عمر رضي الله عنه رآها أهلًا لوضع بعض مال بيت المال فيهما والربح للمغصوب منه على أحد القولين. وقيل كان قراضًا فاسدًا وبلغ أجر مثلهما نصف الربح.
وقال الشافعي في كتاب اختلاف العراقّيين: روى أبو حنيفة عن حميد بن عبد الله بن عبيد عن أبيه عن جده أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أعطاه مال يتيم مضاربًة وكان يعمل به في العراق.
وروى الشافعي أيضًا عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن جده أن عثمان رضي الله عنه قارضه.