للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروى قتادة عن الحسن أن عليًا رضي الله عنه قال: إذا خالف المضارب فلا ضمان هما على ما شرطا.

وروي عن ابن مسعوٍد وحكيم بن حزام أنهما قارضا والمسلمون أجمعوا على جوازه فلا يحل مخالفتهم. واعلم أن المشهور في جواز القَراض إجماع الصحابة والأشبه أن هذا الإجماع انعقد فيما بينهم عن ضرٍب من القياس على المساقاة والخبر في المساقاة مشهور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجه القياس ظاهر وهو أن الأشجار لا تؤاجر حتى يرتفق صاحبها بأجرتها فوردت الشريعة بنوع معاملٍة مخصوصٍة عليها يكون سببًا لتوفر مرافقها على مالكها والدراهم والدنانير بهذه المثابة لأنها غير قابلة عقد الإجارة [١١٠/ ب] فكان عقد المضاربة سببًا لتوفر مرافقها على مالكها، وفي أثر عمر رضي الله عنه دليل على الوالي إذا أراد إيصال المال إلى حضرة الخليفة يجوز له إسلافه ويجوز للقارض تسلفه لأن ذلك من للنظر وهو أولى من أن يبعث إلى حضرته أمانة.

مسألة: قال: "ولا يجوز القراض إلا في الدراهم والدنانير".

الفصل

وهذا كما قال: يجوز القراض في الدراهم والدنانير ولا يجوز فيما عداهما سواء كان له مثل أو لا، وقال طاوس وابن أبي ليلى والأوزاعي: يجوز على العروضي كلها، فإن كان له مثلّ رد مثله عند المفاصلة، وإن لم يكن له مثل رد قيمته لأنه يجوز أن يكون ثمنًا فجاز أن يكون رأس مال القراض وهذا غلط فإن موضوع القراض على أن لا يقتسما من الربح شيئًا ما لم يسلم إلى رب المال رأس المال، وأن لا يجوز لأحدهما: أن ينفرد بجميع الربح وأن لا يستحق من الربح شيئًا إلا بعلمه وأن يكون المال من أحدهما: والعمل من الآخر، فإذا تعاقدا القراض على شيء من ذلك، فلن كان مما له مثلُّ فأراد أن يعزلا مثل رأس المال فيجوز أن يكون قد زاد في حال المفاصلة سعره فلا يمكن شراء مثل رأس المال إلا بجميع ما في يد العامل من المال فيؤدي إلى أن ينفرد رب المال بجمع الربح وهذا لا يجوز، ولن كان مما لا مثل له فيجب أن يعزلا القيمة التي كانت السلعة وقت عقد القَراض ويجوز أن يكون قيمتها قد زادت قبل تصرف العامل فيستحق جزءًا من الربح قبل التصرف، ويجوز أن يكون قد نقصت فيحتاج أن يتمَّها من حصته من الربح وذلك يؤدي إلى أن يكون من جهته جزء من رأس المال وهذا كله مخالف لموضوع عقد القراض، فإن قيل: يبطل هذا بالدنانير فإن قيمتها تختلف وتزيد وتنقص قلنا: قيمة الدنانير بالفضة لا يختلف وإن زادت قيمتها لعارٍض فالزيادة يسيرة لا حكم لها.

فإن قيل: أليس جوَّزتم الشركة فيما له مثل من الحبوب والأدهان [١١١/ أ] فما

<<  <  ج: ص:  >  >>