للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرع آخر

قال ابن الحداد: إذا اشترى شقصًا فيه شفعة وأوصى به ومات ثم جاء الشفيع والموصى له يطالبان به كان للشفيع، ويدفع الثمن إلى الورثة دون الموصى له لأنه لم يوص له إلا بالشقص وقد سقط حقه.

فصل

في الحيل في إبطال الشفعة بالجوار مباحة قبل العقد وبعده لأنها حيلة في إبطال ما ليس بواجب، وأما الحيلة في إبطال الشفعة بالمشاركة نظر، فإن كان بعد وجوبها لا يحل ذلك لأنه حق وجب، وإن كان قبل وجوبها قال ابن سريج: يكره ذلك فإن فعل صح، وقال أبو بكر الصيرفي في كتاب" الحيل": هو مباح. ومن جملة الحيل ما يُزهّد الشفيع في الآخذ لكثرة ثمنها مثل أن يكون ثمن الشقص مائة فيشتريه بألف ثم يدفع المشتري إلى البائع بالثمن ما قيمته مائة كالثوب ونحوه فيكون الثمن ألفًا والذي دفع مائة أو يبيع من الذي عزم على البيع جارية وهي تساوي مائة فإذا ثبت الألف على البائع أخذ منه شقصًا بالألف الذي هو ثمن الجارية فيملكها المشتري بألٍف وهى تساوي مائة فلا ينشط الشفيع لأخذه، إلا أن في المسألة الأولى الغرر يكون على المشتري للشقص لأنه يثبت عليه الألف وربما لا يرضى الثاني أن يأخذ منه ما يساوي مائة، وفى المسألة الثانية الغرر على بائع الشقص لأنه ربما لا يختار صاحب الجارية أن يأخذ منه النقص بألٍف فتبقى الجارية التي تسوى مائة بألٍف في يده وهذا اتفاًق، ومن ذلك أن يشتري بألٍف وقيمتها مائة ثم يبريه عن تسعمائة وفيه [١٠٨/ ب] غرر على المشتري أيضًا وهذا عند الشافعي ومن ذلك أن يهب البائع الشقص من المشتري ويهب للمشتري الثمن من البائع.

ومنها أن يكون الثمن جزافًا فيزن مائة في التقدير ويطرح فيها شيئًا من الفضة جزافًا فلا يعلم مبلغ الثمن، فإذا جهل مبلغه سقطت الشفعة.

ومنها أن يشتري نصيب الباني من بناء الدار سوى العِرصة فلا شفعة ثم يهب نصيبه من العرصة فلا شفعة أيضًا.

ومنها أن يكون الشقص يساوي ألفًا فيبيع نصفه منه ويهب منه النصف ويكتب الوثيقة أنه باع نصفه منه بألٍف ووهب النصف فلا يستحق الشفيع الموهوب ويأخذ المبيع بالألف ولا يرضى بذلك فيترك الشفعة وهذا أسلم.

وأما الحيل على قول أبي حنيفة أن الشفعة تثبت للجار هو أن يهب له بعض الدار ثم يشتري ما بقي أو يشتري منه كل الدار إلا العرصة التي عليها سور الدار، فإذا لم يدخل ذلك في البيع لم تجب الشفعة للجار ثم يقر له بالعرصة، أو يشتري كل البناء دون العرصة ثم يهب له العرصة فالشفعة في كل هذا لا تجب. فإن كان قراحًا اشتراه إلا قدر شبرًا أو ذراع من جانب الشفيع فيزول الملاصقة وتسقط الشفعة إذا لم يكن شريكًا في الطريق ومن هذا الجنس كثير وفيما ذكرناه كفاية وبالله للتوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>