لو كانت الأرض من خلقه الأصل مباحة لم يدفن فيها بعد فإنه يدفن فيها كيف شاء، ولو كانت مقبرة مسبلة للدفن فيها، وإن تشاح [٣٠٢ ب / ٣] اثنان في الدفن في موضع منها كان السابق أولى لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مناخ من سبق"، وإن بادر إلى المكان اثنان معاً فتشاحا أقرع بينهما فمن خرجت قرعته دفن قبل الأخر.
فَرْعٌ آخرُ
قال: إن كان المكان مما قد تكرر فيه الدفن لم يحفر إلا في مكان يعلم في العادة أن الميت قد هلك وصار رميماً، وهذا يختلف باختلاف البلد إن قرب بلد يهلك فيه الميت سريعاً، ورب بلد يبقى فيه الميت كثيراً لحرارة البلد وبرده، وإذا هلك الميت لا يجوز أن يبني على قبره صورة القبر الجديد، بل يتركه حتى يدفن فيه غيره.
فَرْعٌ آخرُ
إذا حفر الموضع فإذا كان الميت قد هلك وصار رفاتاً دفن في مكان غيره وإن كان قد بقي منه أو من عظامه شيء، قال في "القديم" و "الجديد": أعيدت في القبر قال أصحابنا: ويرد التراب عليها كما كانت، ولا يدفن الميت معه بل يحفر له غير ذلك القبر لا حاجة بنا إلى ذلك، ويخالف هذا دفن اثنين في قبر واحد على ما ذكرنا؛ لأنه لحاجة وإن دعت الحاجة هنا أيضاً يدفن مع العظام في ذلك المكان، وهذا [٣٠٣ أ / ٣] لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كسر عظم الميت ككسر عظم الحي".
فَرْعٌ آخرُ
لو فرغ من القبر، ثم ظهر فيه شيء من العظام لم يضيق أن يجعل في جانب اللحد ويدفن الثاني فيه.
فَرْعٌ آخرُ
لو دفن في ملك غيره بغير أمره فهو غصب، قال الشافعي: وأكره أن ينقله لأنه يهتك حرمته، فإن نقله جاز. ولو غصب كفناً وكفن به ميتاً ودفن. قال أبو حامد: لم يخرج وعلى الغاصب قيمته.
والفرق أن حرمة الأرض أوكد، لأن الانتفاع بها مؤيد بخلاف الثوب، ولأن الكفن ربما يتعين على صاحبه تكفين الميت به، وفي انتزاعه هنا هتك حرمته بخلاف الأرض المملوكة لأنها لا تتعين قط لوجود المباح، ولا يكون في نقله هتك حرمته، ولأن الحاجة من التكفين تبيح غصب الثوب ولا تبيح غصب الأرض.
وقال صاحب "الحاوي": ويحتمل غير هذا القول ويمكن قلب الفروق بما هو