من أن أجلس على قبر امرئ مسلم"، وروى أصحابنا عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لأن يجلس على جمرة فتحترق ثيابه حتى تخلص [٣٠٤ ب/٣] إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر"، وقال مالك: إن جلس على القبر للبول أو الغائط يكره وإلا فلا يكره، وهذا غلط لما ذكرنا، ويكره عن أحمد أنه يكره دخول المقابر بالنعال ولا يكره بالخفاف والشمشكات.
فَرْعٌ آخرُ
قال: يكره المبيت في المقبرة لما فيه من الوحشة على البايت.
فَرْعٌ آخرُ
قال: يكره أن يسوى القبر مسجداً فيصلى فوقه أو يبنى عنده مسجداً، فيصلى فيه إلى القبر، فإن فعل أجزأه وقد أساء، وهذا لأن القبر هو مستودع الموتى وغير هذا الموضع أنظف، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تصلي على قبر ولا إلى قبر"، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد"، وقال أيضاً: "لا تتخذوا قبري وثناً يعبد فإنما هلك بنو إسرائيل لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". قال الشافعي: وأكره أن يعظم مخلوق حتى يجعل قبره مسجداً مخافة الفتنة عليه وعلى من بعده من الناس.
مسألة: قال: وإذا فرغ من القبر فقد أكمل وينصرف من شاء.
وهذا كما قال. جملة هذا أن الانصراف هو على أربع مراتب: أفضلها أن يقف حتى يفرغ من الدفن والقبر [٣٠٥ أ/٣] ويستغفر الله تعالى ويدعو له بالرحمة والتثبيت، ويجوز بهذا جميع الثواب المتعلق بها، وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كان إذا دفن ميتاً وقف، وقال: استغفروا الله له وسلوا الله له التثبيت فإنه يسأل الآن". رواه عثمان بن عفان رضي الله عنه.
قال بعض أصحابنا: يستحب تلقين الميت بعد مواراته بالتراب، لأن الخبر ورد بسؤال منكر ونكير. وروي أنه لما دفن إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: