أقام حتى سوي القبر وجعل عند رأسه صخرة فقد أكمل الأجر زيادة على الأول والثاني، ومن أراد الانصراف لا يحتاج إلى أدنى من ولي الميت.
وقال بعض السلف: لا يجوز الانصراف حتى يأذن ولي الميت [٣٠٦ ب/٣] وهذا محال فإن قيل: قد تقرر من المذهب أن المنصرف لو انصرف عقيب الفراغ من الصلاة فذلك واسع له، فما معنى قوله: ومن أراد أن ينصرف إذا أورى فذلك له واسع، قلنا: مراد الشافعي أن من أراد تحصيل القيراطين فواسع له أن ينصرف عقيب مواراته، فإن انصرف قبل ذلك ومراده القيراطين فغير جائز له، فإن قيل: فما فائدة تكرار الشافعي مسألة واحدة في سطرين وذلك أنه قال: فإذا فرغ من القبر بعد أن أكمل ومعناه إكمال القيراطين، ثم قال في السطر الثاني: ومن أراد أن ينصرف إذا أورى فذلك له واسع، ومعناه أن القيراطين حصلا والمسألتان واحدة، قلنا: مراده بالثانية أن الميت إذا ووري بلبنات اللحد، ثم القيراطان، ولا يتوقف تمامها على تمام تسوية القبر فمن انصرف بعد وضع اللبنات انصرف بقيراطين ومن صير إلى تسوية القبر انصرف بقيراطين.
مسألة: قال: وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سطح قبر ابنه إبراهيم.
الفصل
وهذا كما قال. السنة تسطيح القبور لا التسنيم، وهو أن يكون دكة لا سنام عليها، لا مغيراً ولا كبيراً، وقال ابن أبي هريرة وصاحب "الإفصاح"[٣٠٧ أ/٣] السنة التسطيح والأولى في زماننا أن يسنم، لأن التسطيح هو من شعار الروافض. وأهل البدع وقال ابن أبي هريرة: أحب أيضاً ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم لأنه صار من شعارهم.
وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد والثوري: السنة التسنيم، وهذا غلط؛ لأن السنة قد صحت فيه فلا يضرموا فقه أهل البدعة فيه. وذكر الشافعي الأخبار في هذا وفي جملتها خبر القاسم بن محمد وتمامه ما روي عن القاسم بن محمد أنه قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: يا عمتاه أتستطيعين أن تكشفي لي عن قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه فقالت: نعم فكشفت لي عن ثلاثة قبور مسطحة لا مشرفة ولا لاطية مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء"، وروى الشافعي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: سطح قبر ابنه إبراهيم، وكذلك قبور المهاجرين والأنصار بالمدينة كلها مسطحة. قالوا قال إبراهيم النخعي: "أخبرني من رأى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه مسطحة" قلنا خبرنا أولى لأنه شاهد ذلك.
مسألة: قال: ولا تبنى القبور ولا تجصص.
وهذا كما قال: أما التجصيص [٣٠٧ ب/٣] فمكروه سواء كان القبر في ملكه أو في