وأما الإستطابةً والاستنجاء بعير فكل واحد منهما عن تنقية مخرج البول والغائط بالماء والأحجار معًا، لأن الإستطابةً مشتقةً من الطيب؛ فكأنه بهذا القول يطيب ذلك الموضع، والاستنجاء مشتق من النجو هو القطع، يقال: نجوت الشجرةَ واستنجيتها إذًا كأنه قطع الأذى عن نفسه بالماء أو الحجارة، وقال القتييي: هو مأخوذ من النجوةً وهي ما ارتفع من! لأرض؛ لأن من أراد قضاء الحاجة استتر بها والأول أصح. فإذا تقرر هكذا. فالأصل في الاستنجاء الخبر الذي ذكره الشافعي، وهو ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إنما أنا لكم مثل الوالد فإذا ذهب أحدكم إلى الغائط فلا يستقبل القبلةَ ولا يستدبرها لغائط ولا بول وليستنجِ بثلاثةَ أحجار" ونهى عن الروث والرمةً وإنما قال: أنا لكم مثل الوالد أرقع الحشمةً بينهم ربينه حين أراد ذكر ما يحتشم منه، وقيل: إنما قال ذلك تثبيتها على أن كل والد أن يعلم ولده ما يحتاج إليه من أمر دينه كما علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آمته أمر دينهم.
وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "علموا أولادكم الطهارة [٨٤ ب/ ١] والصلاةً وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أأبناء عشر؛ وقوله: فإذا ذهب أحدكم إلى الغائط: أراد به الموضع المطمئن من الأرض وكان أهل المدينةَ إذ ذاك يقضون حوائجهم في الصحاري فيأتون الموضح المطمئن فيها؛ يستترون به عن الأبصار فأمرهم أن لا يستقبلوا القبلةً لقضاء حوائجهم من الغائط، وهو ي يخرج من الإنسان، سمي باسم ذلك الموضع الذي يقضي حاجته فيه.
فإذا تقرر هذا لا يجوز عند استقبال القبلةً ولا استدبارها لغائط ولا بول في الصحراء ولا في فضاء من الأرض، ويجوز في البيوت والبنيان أن يجلسوا كيف شاءوا، وبه. قال العباس ابن عبد المطلب، وعبد الله بن عمر، وعائشة - رضي الله عنها - ومالك، وإسحاق، وأحمد في رواية.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز ذلك في البنيان أيضًا، وبه قال أبو أيوب الأنصاري؛ والنخعي، والثوري، وأبو ثور، وأحمد في رواية، وروي عن أبي حنيفةً روايةً أخرى يجوز فيها الاستدبار. وقال عروةً بن الزبير، وربيعةً: يجوز كل ذلك فيهما، وبه قال داود، واحتج
الشافعي على جواز ذلك في البنيان لما روي عن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: ظهرت على إجار لحفصة - رضي الله عنها فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسًا في بيت من بيوت حفصةً على لبنتين مستقبلًا بيت المقدس، ومن اشمل [٨٥ أ/] بيت المقدس في المدينةً بعد استدبار الكعبةً يدل على جواز ذلك في البنيان.
والإجار سطح أحيط به حائط من جوانبه والأولى من هذا ما روي عن عائشةً -