للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع آخر

قال أصحابنا: يجب أن لا يكون البناء أقل من مؤخرةَ الرجل وهو قريب من ذراع عندي، ويشترط قرب البناء منه، فإن كان حوله جدران متباعدةً لا يجوز، ولو كان في الصحراء وهذه أو شيء [٨٦ ا/ ١] يستره جرى ذلك مجرى البنيان.

مسالة: قال: "وإن جاء من الغائط أو خرج من ذكرهِ أو دبرهِ شيء"

الفصل

وهذا كما قال. عبر الشافعي بلفظ القرآن؛ لأن الله تعالى قال: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الغَائِطِ} [النساء: (٤٣)] وجملته أي الاستنجاء واجب عنده. إما بالماء أو بالأحجار، فإن لم يستنج وصلى لم تجز صلاتهِ. وبهِ قال أحمد، وإسحاق، وداود، ومالك في رواية.

وقال أبو حنيفة: الاستنجاء مستحب وليس بواجب، وهو رواية عن مالك، وبه قال المزني، وعلى هذا قاس أبو حنيفةَ النجاسةً في الثوب والبدن فجوز الصلاةً معها إذا كان قدر درهم يغلي، يريد بذلك الواسع، ولم يجوز إذا كان أكثر وقال: لو جازت النجاسةً في

محل الاستنجاء قدر الدرهم لا يجوز في إزالته إلا المائع.

واحتج الشافعي عليه بالخبر الذي ذكرنا، وأيضًا فقد روي أن بعض المشركين قالوا لسلمان الفارسي - رضي الله عنه - إن صاحبكم يعلمكم كل شيء حتى الخراءةَ قال: أجل إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستقبل القبلةً أو ندبرها لغائط أو بول وأن نستنجي بأيماننا، وأن نستخم بدون ثلاثةَ أحجار ليس فيها رجح "ولا عظيم.

وروى بأن أيضًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم -[٨٦ ب/ ١] قال: "لا يكفي أحدكم دون ثلاثةً أحجار يستنجي بها". فإذا تقرر هذا الكلام في فصلين: أحدها: في الجواز. والثاني: في الأفضل فأما الأفضل.

هو أن لجمع بين الماء والأحجار، فيستعمل أولًا الأحجار، ثم الماء، لأن الله تعالى: أثنى على أهل قباء فقال تعالى {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} {التوبة:٠٨} فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"ما هذه الطهارة التي أثنى الله عليكم بها؟ فقالوا: نحن نستنجي بالأحجار ثم نتبعها الماء فقادت عليكم به" ولأنه إذا فعل كذا يكون ألطف وأنقى وأحوط، وهذا هو معنى انتفاص الماء الذي في الخبر، وقيل: وضع الماء من الليل وتغطيته مسنون. وأما الواجب فهو آن يقتصر على الماء أو الأحجار، والأفضل أن يقتصر على الماء، فإنه يزيل العين والأثر

<<  <  ج: ص:  >  >>