من صلاة الجنازة حق الميت والدعاء له، فكان الأشفق أولى بالإجابة، والأشفق هو الأسن ودعاؤه أرجى، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تعالى يستحيي أن يرد دعوة ذي الشيبة [٣٢٨ ب/٣] المسلم. ومن أصحابنا من قال هاهنا أيضاً: يقدم الأفقه والأقدر على الأسن كما في سائر الصلوات وهو ضعيف. وقال بعض أصحابنا بالعراق: نص في سائر الصلوات أنه يقدم الفقيه والقارىئ. ففي كلتا المسألتين قولان: أحدهما: يقدم الأسن في الكل، وهذا غلط ظاهر؛ لأن في سائر الصلوات نص الشافعي أنه يقدم الفقيه والقارئ على الأسن من غير إشكال، فإذا تقرر ما ذكرنا، قال الشافعي: فإن لم يحمد حاله، فأفضلهم وأفقههم. وأراد فإن كان هذا الأسن فاسقاً أو غير مرض، فإن كان مبتدعاً أو يهودياً أسلم الآن، فحينئذ يقدم أفضلهم وأفقههم، وإن كان شاباً. وإن استووا بكل حال ولم يترجح بعضهم على بعض، ولم يتفقوا على تقديم واحد أقرع بينهم كما في ولاية النكاح.
فرع
إذا أوصى أن يصلي عليه رجل بعينه من غير أوليائه. روي عن عائشة وأم سلمة وأنس وابن سيرين وأحمد: أنه أحق بالصلاة عليه من الولي والوالي وهو قياس قول مالك لأنه [٣٢٩ أ/٣] حقه تنفذت فيه وصيته وعندنا الولي أولى؛ لأنه حق الولي، ولا تنفذ وصيته لانقطاع ولايته ويدخل به النقص على وليه كما يقول في ولاية النكاح.
مسألة: قال: والولي الحر أولى من الولي المملوك.
وهذا كما قال: إذا كان له وليان في درجة وأحدهما عبد والأخر حر، فالحر أولى بالصلاة من العبد، لأن للحر ولاية وليست للعبد ولاية، فكان من له الولاية أولى كالقريب والأجنبي، وعلى هذا قال أكثر أصحابنا: وإن كان العبد أقرب درجة فالولي الحر، فإن كان العبد فالعم الحر أولى من الأخ المملوك وهو مراد الشافعي لما ذكرناه أنه لا ولاية للعبد أصلاً. فإن قيل: فلم سماه الشافعي ولياً؟ قلنا: هذا من كلام المزني والشافعي قال: والحر أولى من المملوك أو سماه ولياً بمجاز الوجود. والسبب الذي يستحق به الولاية فيه، وليس هذا هو بولي حقيقة. ومن أصحابنا من قال: أراد الشافعي عند استوائهما في الدرجة، فإذا كان العبد أقرب فيه قولان مخرجان، والأول أصوب، وهو اختيار القفال.
فرع
قال الشافعي: ولا بأس [٣٢٩ ب/٣] بصلاة المملوك على الجنازة؟ لأن الفريضة