والثاني: أن للمتصدق في بنت لبون خيارين بالنزول مع دفع الجبران، أو بالصعود مع أخذ الجبران، فغلا يجوز إثبات خيار ثالث: بإخراج الحق، وها هنا ليس فيها إلا خيار واحد، وهو الصعود مع أخذ الجبران، وليس له النزول إلى أصغر من بنت مخاض، فجعل له إخراج ابن لبون مكان بنت مخاض ليحصل له خياران قياسًا على ذلك، فإن قيل: يبطل هذا بما لو وجبت عليه جذعة وهو لا يملكها، وهو يملك الشيء، لا يجوز إخراج الشيء مكانها، وإن لم يكن له إلا خيار واحد في بابها، وهو النزول دون الصعود، قيل: لا شك أنه لا يجوز إخراج الشيء مكانها، وأما هل له الصعود إلى الثنية مع أخذ الجبران كما له النزول وبذل [١٣ ب/٤] الجبران؟
اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال: لا يجوز، لأن الثنية لا مدخل لها في زكاة الإبل، فلم يجز قبولها مع الجبران، كما لو أعطى حقًا مكان ابن لبون في خمس وعشرين من الإبل، وطلب الجبران، لا يجوز، وهذا هو اختيار القفال. ومنهم من قال: يجوز، وهو الصحيح، وقد نص عليه الشافعي، فقال: ومن وجبت عليه جذعة وليست معه إلا ما خض، فإن تطوع بها قبلناها، وإلا نزلنا وأخذنا، أو صعدنا وبذلنا، حكاة أهل العراق. ووجهه أن الثنية في صفة الجذعة وأكبر منها بسنة، فهي مع الجذعة بمنزلة الحقة مع بنت لبون، وبنت لبون مع بنت مخاض، ويخلف الحق مكان ابن لبون، لأن الذكر لا مدخل له في زكاة الإبل إلا في موضع الضرورة، ولم يرد به الشرع، فإذا بذل الحق مكان ابن اللبون، وطلب الجبران، لا يدفع الجبران، ومن قال بالأول أجاب عن هذا فإن الثنية ليست في صفة الجذعة بل هي أنقص، لأن كل ما في الثنية من الذر والنسل والحمل موجود في الجذعة، وفي الجذعة ما ليس في الثنية، وهي الحداثة والطراوة، لأن الجذعة هي .... (١) ولهذا لم يجز إخراج الشيء بلد جوزت في الضحية، وعلى هذا قال القفال: لو دفع مكان بنت لبون ثنية، فيه وجهان: إحداهما: لا يلزم الجبران أصلًا، لأنها ليست من السن المفروضة.
والثاني: وهو الأصح، أنه يلزم جبران سنين، لأن لهما مدخلًا، وهو متبرع بزيادة سن واحدة.
فرع آخر
لو وجبت عليه ابنة لبون وليست عنده، فأعطى ابن لبون مع الجبران، فيه وجهان: إحداهما: يجوز، لأن ابن اللبون في حكم ابنة المخاض عند عدمها. والثاني: لا يجوز، لأن ابن اللبون أقيم مقام ابنة المخاض إذا كانت هي الفرض، والفرض هاهنا ابنة لبون، فلم يجز أن يؤخذ مكانها ذكر وجبران، وهذا أقرب.