للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاملاً لأن الحامل اثنان ولو كانت معه خمس وعشرون من الإبل سماناً أو أربعون شاة أكولة وجبت سمينة مثل ماله كما يؤخذ من الهازيل مهزولة.

مسألة: قال (١): وإذا عَدَّ عليهِ السَّاعي فَلَمْ يأخُذْ منهُ شيئاً حتَّى نَقَصَتْ.

الفصل

وهذا كما قال هذه المسألة مبنية على أن الإمكان من شرائط الوجوب، أو من شرائط الضمان، وإن قلنا: من شرائط الوجوب وهو ظاهر المذهب فعد عليه الساعي ماشيته بعد حولان الحول فلم يأخذ منه شيئاً حتى نقصت عن النصاب فلا شيء عليه وعلى القول الآخر عليه بحصة ما بقي واختلف قول الشافعي [٢٦ ب/٤] رحمة الله عليه في كيفية الإمكان فقال في الجديد: الإمكان هو الوصول إلى الساعي أو إلى أهل السهمان سواء كان ماله من الأموال الظاهرة كالمواشي أو كان من الأموال الباطنة، كالذهب والفضة، ومن أصحابنا من قال: لو أخرها على هذه القول عن أهل السهمان ليوصلها إلى الإمام لا يضمن، لأن له غرضاً صحيحاً في الدفع إلى الإمام لدفع الخلاف، وهذا خلاف النص، وقال في "القديم": إن كان من الأموال الباطنة فهو الوصول إلى الساعي أو إلى أهل السهمان وأن كان من الأموال الظاهرة فهو الوصول إلى الساعي دون أهل السهمان، وتجب الزكاة على الفور عند الإمكان، وبه قال الكرخي من أصحاب أبي حنيفة، وقال أبو بكر الداري: على التراخي لأنها لو هلكت عند أبي حنيفة لا يضمن .... (٢) على ..... (٣) وإذا وجد الإمكان على ما بيناه فلم يخرج الزكاة حتى تلف المال فإنه يلزمه ضمان الزكاة، وقال أبو حنيفة لا يضمنها وإن أخرها سنين لا يطالبه إلا بمطالبة الإمام وهذا غلط، لأنها أمانة حصلت في يده بغير اختيار من له الحق فيضمن بالإمكان كما لو ألقت الريح ثوباً في داره ضمن بالإمكان.

مسألة: قال (٤): وما هَلَكَ أو نَقَصَ في يدَيَ [٢٧ أ/٤] السَّاعي.

فلم يفرقها حتى تلفت في يده سقط الفرض عن رب المال بقبض الساعي منه فإن كان الساعي لم يمكنه أن يفرقها بين أهل السهمان حتى تلفت فلا ضمان على الساعي وإن أمكنه ذلك فإن آخر تفريقها لعذر مثل إن كان مشغولاً بتثبيت أسمائهم وإحصائهم وتعرف أحوالهم أو انتظار مال آخر من الصدقات، يحمل إليه فيضيفه إلى ما تحصل عنده ليعم الجميع به فلا ضمان عليه وإن أخرها لغير عذر، فإنه مفرط ويلزمه الضمان فإن قيل: إذا وكل رجلاً في قبض ماله من رجل فقبضه وأمكنه أن يدفع إليه فلم يدفع حتى تلف لا يلزمه الضمان، فما الفرق؟ قلنا: الفرق هو أن الزكاة مستحقها غير متعين فلم يجعل سكوت مستحقها رضي فتركها في يده فتعلق الضمان بالإمكان، وهاهنا المال الذي في يد الوكيل مستحقة متعين فجعل سكوته عن المطالبة بتسليمه إليه رضي منه.


(١) انظر الأم (١/ ١٩٤).
(٢) (٣) موضع النقط بياض بالأصل.
(٤) انظر الأم (١/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>