الشجر، ولا بالتراب. قال أصحابنا: أراد به المدر الصلب الذي تتهيأ إزالة النجاسةُ به، فإن كان متناثرًا لا يجوز؛ لأنه لا يقني النجاسةً بل يلتصق بعض التراب بالنجاسةً. ومن أصحابنا من قال: يجوز بكل تراب والأول أصح.
فرع آخر
قال من رواية الربيع: يجوز الاستنجاء بالفحم وروي، يجوز الاستنجاء بالمقاييس. وقال في روايةَ "البويطي": لا يجوز بالحممةُ فقيل قولان والصحيح أنه على [٩١ ب/ ا] حالين: فإن كان صلبًا بحيث لا يلتصق بشرته من السواد إلا قدر ما يلتصق من المدر يجوز. وإن كان رخوًا لا يجوز.
وروى ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الاستنجاء بالحممة.
فرع
لو بقي ما لا يزول بالحج، ولكن يزول بالخرقةً وصفات الخرق ظاهر مذهب الشافعي. وبه قال عامةُ أصحابنا يلزمه إزالته لأنه يمكن أزالته بعين الماء، وفيه وجه آخر لا يلزمه إزالته؛ لأنه لما كان فرصةً سقط بالأحجار لؤمه آنفًا ما يزول بالأحجار. هكذا ذكره صاحب الحاوي وعندي الصحيح الوجه الثاني وهو المذهب؛ لأن الأحجار هي الأصل في الاستنجاء على ما ورد به الشرع وجرت به العادةً.
مسألة: قال: "ولا تستنجي بحجر قد مسح به مرةً إلا أن يكون قد ظهر بالماء"
وهذا كما قال معناه طهر بالماء وجف بعد بطهارته؛ لأنه قيد بالماء ونص في الإملاء على أنه إذا زال الأثر بالشمس يطهر من غير غسل. وبه قال أبو حنيفةَ، والأصح الأول فإذا قلنا بقول الإملاء. فلو جف بالظل حتى زال. الأثر قولان أيضًا، وكذلك القولان في أرض نجسة جنت بالشمس أو بالظل، وقيل: إنه مرتب.
فإن قلنا بالشمس لا تطهر فبالظل أولى. [٩٢ أ/] وإن قلنا بالنص يطهر يفي الظل قولان. فإن قيل: أليس كره الشافعي أن يرمي بحجر قد رمي به مرة، فلم لا يكره ها هنا؟ قيل: لأنه قد قيل: إن ما يقبل منه يرفع، وها لم يقبل منه يترك هناك، فكره الرمي كغير المقبول، وها هنا القصد إزالةُ النجاسةَ يحجر طاهر، وقد وجد ذلك. فإن قيل: أليس لو شهد بحق ثم أعاد الشهادة فإنما لا. تقبل فكذلك لا يجوز إعادة الاستنجاء الحجر الأول. قيل: الفرق. هو أن القصد من الشهادة أن يغلب على الظن صدق الشهود في شهادتهم وبالتكرار لا يحصل عليه الظن، وها هنا القصد ما ذكرنا فافترقا. فإن قيل: أليس بالماء المستعمل لا يجوز التطهر فكيف جاز بالحجر المستعمل؟ قلنا: لأن الماء قد؛ أزال مانعًا من الصلاةً بخلاف الحجر.