للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السن دل علي أنهم أرادوا يجوز أضحية يريد به أنه لا خلاف أن الجذع من الضأن يجوز أضحية، والجذع من الماعز لا تجوز أضحية، وما دون الجذع من الضأن وما دون الثنية من الماعز لا تجوز أضحية، دل ذلك علي أن المطلوب في فرض الغنم سن تجوز أضحية وهو ما قلناه وتحرير هذا علي مالك أن يعلل للجذعة الماعز فنقول هذه سن لا تجوز أضحية فلا تجوز في صدقة الغنم كما دونها ونعلل علي أبي حنيفة للجذعة الضأنية فنقول: هذه سن تجوز أضحية كالثنية.

مسألة: قال (١): ولا يُؤخَذُ أعلى إلاَّ أنْ يتَطَوعَ ويختارَ السَّاعي السَّنَّ التَّي وَجَبَتْ.

الفصل

وهذا كما قال: إذا ثبت أن الواجب إحدى هاتين السنين فلا يخلو الغنم من أربعة أحوال، إما أن يكون دون السن المأخوذة، أو كلها فوق السن المأخوذة، أو بعضها من السن المأخوذة، وبعضها من غيرها فإن كانت دون السن المأخوذة وهي أن تكون سخالاً دون الجذعة أخذت الزكاة منها ويتصور ذلك إذا ماتت الأمهات وبقيت السخال، وإن كانت كلها نفس السن المأخوذة جذاعاً إن كانت ضأناً أو ثنايا [٣٤ ب/٤] إن كانت معزى وصفتها متقاربة لا يكون بعضها أكرم من بعض اختار الساعي منها أية واحدة إن شاء والخيار إليه كما إذا وجبت عليه حقه والجميع حقاق، يأخذ أية حقه شاء منها، قال في "الأم": ولا يفرق فرقتين ولا ثلاث فرق وقصد به رداً علي الزهري حيث قال: يفرق ثلاث فرق فرقه لرب المال وفرقتان يختار الساعي منهما، وروى عن عمر رضي الله عنه هذا، وقال عطاء وسفيان الثوري: يفرق فرقتين فرقه لرب المال وفرقه يختار منها الساعي ماشاء، وهذا غلط، لأنه ربما يؤدي إلي إخراج الدون الذي فيه ضرر بالمساكين وقد قال تعالي {ولا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [البقرة:٢٦٧] الآية، وإن كان بعضها أكرم من بعض لا يجوز له أن يأخذ من الكرام ولكنه يترك الأدنى والأعلى، ويأخذ من الأوسط نص عليه في "الأم) (٢)، وقال أبو إسحاق في"الشرح": إذا وجبت عليه حقه وفي ماله حقاق جيدة ووسط وروى يأخذ الوسط، فإن قيل: أليس قلتم في المائتين يختار الساعي ماهو الأفضل من خمس بنات لبون، وأربع حقاق فما الفرق بين المسألتين، قلنا: الفرق إنا إذا تركنا الخبر هاهنا فقد تركنا بإزائه الردى فجاز وهناك لو أخذنا الحقاق [٣٥ أ/٤] وفيها بنات لبون خير من الحقاق فلم نأخذ من بنات اللبون شيئاً وتركنا جنسا مما يؤخذ في الزكاة ولم نأخذ منها شيئاً فيكون داخلاً في معني من تيمم الخبيث من ماله، وذلك لا يجوز، وإن كانت كلها فوق السن المأخوذة مثل أن تكون أكبر من الجذاع والثنايا نقول لرب المال: الذي يجب عليك جذعه من الضأن، إن كانت غنمك ضأنا أو ثنيه إن كانت غنمك معزى وأنت بالخيار إن شئت أعطنا الفرض من غيرها، وإن شئت طوعت بواحدة منها، فإن قيل هلا كلفتموه


(١) أنظر الأم (١/ ١٩٧).
(٢) أنظر الأم (٢/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>