للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما تضم إلي الأمهات بثلاث شرائط، فو اختلف رب المال والساعي في هذه الشرائط فقال رب المال: اشتريت السخال ولم تتولد من الكبار التي عندي، أو قال: توالدت ولم تكن الأمهات نصاباً، أو قال: توالدت بعد الحول، قال الشافعي، القول قول رب المال، ولا يمين عليه لأنه مؤتمن علي ما في يده وما يجب عليه من زكاته، فان قيل: أليست الوديعة أمانه في يد المودع؟ ثم يلزمه اليمين عند الخصومة في التلف، فما الفرق؟ قلنا: الفرق هو أن حكم الزكاة أخف وأسهل من الوديعة لان الزكاة مواساة من جهته بخلاف الوديعة، ولأن الزكاة المغلب فيها حق الله تعالي دون حق العباد، وحق الله تعالي مبني علي المسامحة والمتساهلة بخلاف حق الآدمي، وهكذا لو اختلفنا فقال رب المال: لم يخل عليه الحول، وقال الساعي: بل حال عليه الحول فالقول قوله، فلا يمين فإن اتهمه في هذه المسائل عرض عليه اليمين لإزالة الريبة عن قلبه، لا علي طرق الوجوب بأن لم يحلف لا يلزمه شيء وقد [٣٨ أ/٤] قال في "الأم" (١):وإن كذبه احلفه بالله تعالي وأراد ما ذكرنا، وأما إذا شهد شاهدان أن له هذه الغنم بأعيانها من أول السنة إلي آخرها، وهذه الشهادة تجوز قبل الاستشهاد لأنها تتعلق بحق الله تعالي، فقال المشهود عليه: بعتها في وسط الحول ثم اشتريتها من غير علم الشاهد، أو قال: أديت زكاتها إلي ساع غيرك، أو أديت زكاتها في بلد آخر، فقلنا: يجوز نقل الصدقة فهل يلزمه اليمين؟ وجهان ذكرهما أبو إسحاق.

إحداهما: لا تلزمه اليمين كما في المسائل الأربع.

والثاني: تلزمه اليمين لأن الظاهر ها هنا وجوب الزكاة وهو يدعي سقوطها فلا يسقط من غير يمين، الأول اصح وأشبه بكلام الشافعي في "الأم" لأنه لو كانت اليمين واجبة إذا كانت الدعوي تخالف الباطن وجبت وإن كانت تخالف الظاهر كما في المودع، وهكذا الخلاف لو وجد في يده أربعين شاه فقال رب المال: لي ببلد آخر أربعون أخرى فلا أؤدي إلا نصف شاة ها هنا صدقة، فإن اتهمه هل تلزمه اليمين؟ وجهان، ولو قال: هي كانت في يدي من أو السنة إلي آخرها ولكنها وديعة في يدي أو ضوال فلا زكاة علي فيها، اختلف أصحابنا فيه منهم من قال: هاتان المسألتان من جنس المسائل الأربع [٣٨ ب/٤] المتقدمة فلا يجب اليمين وجهاً واحداً، ومن أصحابنا من قال في هاتين المسألتين وجهان كما في المسائل الثلاث، لأن الظاهر من اليد الملك فالأصل وجوب الزكاة عليه وهذا لا يصح لأن الشافعي جمع في الأم بين قوله لم يحل عليه الحول، وبين قوله: هي وديعة أو ضوال، أو قال: صدقه، وأنه مع إنكاره لا اعتبار بيده، فإذا قلنا: إن اليمين واجبة فإن حلف برئ، وإن نكل لم ترد اليمين علي الساعي لأنه وكيل الفقراء، والوكيل لا يجوز أن يحلف عن الموكل وهل ترد اليمين علي الفقراء؟ قال ابن خيران في "الإفصاح": إن كان الفقراء معينين ردت


(١) أنظر الأم (٢/ ١٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>