مسألة: قال (١): وبهذا أقولُ في الماشيةِ كُلِّهَا والزَّرعِ والحَائطِ.
وهذا هو كما قال اختلف قول الشافعي في الخلطة فيما عدا المواشي من الأموال التي يجب فيها الزكاة من الحبوب والثمار والنقد هل يثبت فيها حكمها؟ قال في القديم: لا يثبت وبه قال مالك والفرق بينهما وبين النعم هو أن النعم أوقصًا متفاوتة ومتفقة فالخلطة تارة تنفع رب المال وتارة تضر ولا وقص فيما عداها فإثبات الخلطة فيها إضرار برب المال ولا يحصل في مقابلة الضرر منفعة وتخفيف من وجه آخر فلهذا لا يثبت حكمها فيها, والثاني: يثبت حكم الخلطة فيها نص عليه هاهنا, وفي الجديد: وهو الصحيح قياسًا على المواشي, وقد اختلفت الرواية عن أحمد وهذا لأن الخلطة إنما في المواشي لما فيها من تخفيف المؤنة والإرفاق برب المال, وهذا موجود في غيرها [٦٠ أ/٤] لأن في الزروع يقتصران على ناطور واحد وهو الحافظ ونهر واحد وساق واحد, وفي النقد يقتصر على صندوق واحد وخازن والميزان والوزان المنادي والمتقاضي والنقد واحد, وفي النخيل العامل والملقح والجذاذ واحد, فإذا قلنا: بهذا القول اختلف أصاحبنا فيه على ثلاثة أوجه, أحدها: يثبت فيها خلطة الاشتراك دون خلطة المجاورة, والثاني: يثبت كلتا الخلطتين وهو الصحيح المذهب وعليه أكثر أصحابنا, والثالث: ذكره أبو إسحاق أنها تثبت في الثمار والزروع كلا الوجهين ولا يثبت في الدراهم والدنانير إلا خلطة الاشتراك والفرق أن الارتفاق بالخليط لا يتحقق في الدراهم والدنانير إذا كانت مجاورة لأن دراهم كل واحد منهما هي في كيس منفرد عن كيس صاحبه يتصرف كل واحد منهما بانفراده كيف شاء, لو أراد ولا يمكن إحداهما أن يتصرف في مال صاحبه, ولكن يتحقق الارتفاق في الثمار والزروع بما ذكرنا من الأسباب, فاقترقا وهو اختيار القفال.
فرع
لو وقف بستانًا على قوم فإن كان على قوم غير معينين فلا عشر عليهم في ثماره كمال بيت المال, وكذلك إذا أخذ الساعي الصدقات ولم يقسما حتى [٦٠ ب/٤] حال عليها الحول لم تجب فيها الزكاة, وإن كان على قوم معينين فإن كان يبلغ نصيب كل واحد منهم نصابًا يجب العشر عليهم, وإن كان جميعها نصابًا وينقص نصيب كل واحد عن النصاب فإن قلنا: لا تثبت فيما عدا المواشي فلا عشر عليهم وإن قلنا: تثبت فيجب العشر عليهم ولو وقفه على المسجد أو القنطرة لا يجب العشر في ثماره وزرعه لأن ليس له ملك معين.
فرع آخر
لو وقف أربعين شاة أو خمسًا من الإبل فإن كان على عير معينين لا يلزم الزكاة فيها