للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في المحرم: "هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليقضه ثم ليزك بقية ماله" (١).

والمستحب أن يبعث قبل المحرم بحيث يوافي بلد الصدقة مع أول المحرم فلا يتأخر إخراج الزكاة عن أول السنة ثم إذا دخل البلد الصدقة اشتغل هو بمعرفة أهل السهمان وقدر حاجاتهم واشتغل أصحابه بإحصاء المواشي والأموال فإذا فرغوا من ذلك فكل من تم حوله أخذ زكاته وكل من لم يتم حوله سأله أن يعجل زكاته فإن عجلها أخذها وفرقتها على أهل السهمان, وإن لم يعجلها فإن شاء وكل من يأخذها منه إذا وجبت عليه وإن شاء أخرها حتى يعود في القابل, وإن شاء فوض تفرقتها إلى رب المال إن كان ثقة أمينًا, وقيل: إن المزني أخل بالنقل لأن الشافعي قال: واجب على الوالي أن يبعث المصدق وهو الصحيح لأن جمع الصدقة وتفريقها على مستحقيها واجب على الأئمة والمزني نقل وأحب ويستحب لأرباب الأموال أن يعجلوا أدائها إذا حضرهم الساعي كيلا يشق عليه الأمر, وأما الموضع الذي تعد فيه الماشية إن كانت ترعى وترد الماء فلا يكلف الساعي أن يتبعها راعية لما فيه من المشقة عليه لتبددها [٧٤ أ/٤] في المرعى وليس للساعي أن يكلف رب الماشية ردها إلى فناء القرية أو المدينة, ولكن يمضي الساعي إلى موضع الماء فإنها تجتمع فيه فيحصيها عليه, وقال في"الأم" (٢): لو كان للماشية ماءان فلرب المال أن يردها إلى أيهما شاء وهذا لأنه أسهل على أرباب الماشية وأقل كلفة ومؤنة وهذا في الغالب يكون في وقت الصيف فأما الربيع الذي تستغني فيه الماشية بالكلأ الرطب عن الماء أيامًا كما قال الشافعي (٣) فإن جزأت الماشية بالكلأ الرطب عن الماء فإنها ترد إلى أفنيتها لبورها, أو إلى بيوتهم, ولا يكلف رب المال إيرادها الماء لأنه يشق في الغالب ذلك لتباعدها عنه ولا يلزمه أن يتبعها راعية لما عليه في ذلك من المشقة وعلى رب المال أن يجمعها بحضرته لبعدها, وهو معنى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا جلب ولا جنب" (٤) أي: لا تجلب الماشية من البادية إلى الساعي وليس على الساعي أن يجنب أي: يبعد في إتباع المواشي, وروى عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تؤخذ صدقات المسلمين عند مياههم وعند أفنيتهم" (٥) وأما كيفية العد قال (٦): "ويحصرها إلى


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٢٥٣) , والشافعي في "المسند" (٦٢٠) , والبيهقي في "الكبرى" (٧٦٠٦).
(٢) انظر الأم (٢/ ١٥).
(٣) انظر الأم (٢/ ١٥).
(٤) أخرجه أحمد (٤/ ٤٢٩, ٤٤٣) وأبو داود (٢٥٨١) , والترمذي (١١٢٣) , والنسائي (٣٣٣٥) , وابن حبان (٣٢٥٦).
(٥) أخرجه أحمد (٢/ ١٨٥) , وابن الجارود في "المنتقى) (٣٤٦) , والطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع الزوائد" (٣/ ٧٩).
(٦) انظر الأم (٢/ ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>