يملك الدفع والمنع. والثاني: تغلب جنبة المساكين، لأن المنفعة ترجع إليهم وقد ذكرنا حكمها فإن قيل: إذا ضمن الإمام في الحالة الأولى [٨٠ أ/٤] وجب أن لا يجوز له القبض أصلًا، قلنا: إنما جاز لأن اختياره يؤدي إلى ذلك لما رأى بهم من الفاقة والخلة فيجوز ذلك على شرط السلامة، كما لو كانت عند رجل وديعة فجاء رجل وقال: أنا وكيل فلان يقبضها منك فصدقه يجوز له تسليمها إليه بشرط السلامة حتى لو أنكر المالك الوكالة فإنه يضمن، كذلك هاهنا فإذا تقرر هذا فكل موضع قلنا: يرجع إليهم فإن كانت تالفة استرجع قيمتها هكذا أطلق أصحابنا، وقال بعض أصحابنا بالعراق: إن خرج المدفوع إليه من استحقاق الزكاة يسترجع منه مثلها وجهًا واحدًا، وإن خرج الدافع ممن تجب عليه الزكاة فيه وجهان، كوجهي أصحابنا فيمن أقرض حيوانًا هل يجب على المستقرض رد مثله؟ أو قيمته ويفارق المسألة قبلها، لأن هناك يسترجع في حق الفقراء فيسترجع المثل لأنه لا يجوز في حق الزكاة غير الحيوان وهاهنا يسترجع في حق نفسه فتجب القيمة ذكره في "الحاوي"(١) ثم إذا رجع بالقيمة حتى يقوم فيه وجهان:
إحداهما: حين الدفع إليهم لأنهم ملكوا حينئذٍ كما يقول في الصداق وهو الصحيح.
والثاني: حين التلف كالعارية وهذا لأنه لو كان موجودًا رجع به فإذا كان تالفًا رجع بقيمته في تلك الحالة، وإن كانت باقية بحالها [٨٠ ب/٤] لم تزد ولم تنقص يسترجع عنها ثم إن كان العارض موت المسكين فرأى الرائي أن يرده على وارثه وهو جاز، وإن كانت زائدة فإن كانت الزيادة غير متميزة رجع بها مع الزيادة فإن كانت الزيادة متميزة كانت الزيادة لوارث المسلمين لأنه ملك بالقبض، وإن كانت ناقصة فإن كان النقصان غير متميز كالهزال رجع بها ناقصة ولا يستحق أرش نقصانها كالمفلس إذا انتقص المباع في يده لا يضمن النقصان عند رجوع البائع في المبيع بعيب الإفلاس، نص عليه في "الأم"، وقيل: هل يغرم النقص؟ وجهان:
إحداهما: يغرم لأن ما يضمن عينه يضمن نقصه هو غلط، فإن رأى الوالي أن يرده على وارثه لم يجز للنقص إلا أن يكون بعد النقص على وصف مال الدافع فيجوز، وإن كان النقصان متميزًا كبعيرين تلف إحداهما وبقي الآخر يرجع بالباقي وبمثل الثالث في أحد الوجهين، وبقيمته في الوجه الآخر، ومن أصحابنا من أهل خراسان من قال: هو كالقرض يملك يوم الإتلاف في أحد القولين فيغرم النقصان ويرد الزيادة مع الأصل على هذا القول وهذا غلط.
فرع
لو استعجل مسألة رب المال وهي باقية في يد الوالي له أن يسترجع قبل الحول ما لم يفرقها الوالي، فإن فرقها فلا [٨١ أ/٤] رجوع إلا أن يتغير الحال على ما ذكرنا ولو