وهذا كما قال: كل مال يجب في عينه الزكاة كالإبل والبقر والغنم، والأثمان فبادله بنصاب يجب فيه الزكاة استأنف الحول سواء كانا جنسًا واحدًا إبلًا بإبل أو بقرًا ببقر أو جنسين كإبل ببقر أو بقر بغنم أو ذهب بفضة، وقال أبو حنيفة: إن كان ذلك ي الأثمان لا يستأنف الحول، وإن كان في غير الأثمان استأنف الحول وهذا على أصله أن وجوب الزكاة في الأثمان في معانيها لا في أعيانها ولهذا [٩٦ أ/٤] قال يضم الذهب إلى الفضلة، وقال مالك: إن بادل جنسًا بجنس آخر يستأنف الحول، وإن بادل جنسًا بجنسه يبنى على الحول الأول وهذا غلط، لأنه بادل ما يجب الزكاة في عينه بما تجب الزكاة في عينه فوجب أن يستأنف الحول قياسًا على موضع الوفاق ولو بادل بعض النصاب بمثله حتى كان الباقي في ملكه أقل من النصاب انقطع الحول، وقال أبو حنيفة: لا ينقطع الحول بناء على أصله أن نقصان النصاب في خلال الحول لا يضر وأن المستفاد يبني على حول الأصل.
فرع
اختلف أصحابنا في مال الصيارفة فمنهم من قال يستأنفون الحول كلما بادلوا دراهم بدنانير وهو الصحيح، ونص في "الأم": على استئناف الحول ولم يفرق بين الصيارفة وغيرهم، وقال ابن سريج في هذا بشروا الصيارفة في أنه لا زكاة عليهم والتعليل ما ذكرناه ويؤكده أن الحلاب إذا اشترى بدراهم أربعين شاة استأنف الحول، وإن كان ذلك عارية لا يختلف المذهب فيه ومنهم من قال: لا ينقطع حولهم بالمبادلة لأن مقصودهم التجارة، فالنقود في حقهم كالعروض للتجارة لسائر الناس، قال في "الشامل": وهذا ظاهر المذهب وهذا غلط، لأنا لو أوجبنا الزكاة هاهنا بحول الأصل يوجب في عين المال [٩٦ ب/٤] بخلاف مال التجارة، وقال القفال وأبو حامد: هذا مبني على أصل وهو أنه إذا اجتمعت زكاة العين وزكاة التجارة هل تغلب زكاة العين أم زكاة التجارة قولان فإن قلنا: يغلب زكاة التجارة فلا ينقطع الحول هاهنا، لأن حول التجارة لا ينقطع بالمبادلة، وإن قلنا: تغلب زكاة العين ففيه وجهان، إحداهما: ينقطع، والثاني: لا ينقطع لأنه عدم بالمبادلة شرط زكاة العين وهو دوام الملك في العين حولًا كاملًا فصار إلى زكاة التجارة كما لو كان له ثلاثون من الغنم للتجارة وبلغت قيمتها نصابًا يجب زكاة التجارة قولًا واحدًا والله أعلم.
مسألة: قال (١): وأكرَهُ الفِرَارَ منَ الصَّدَقَةِ.
وهذا كما قال: إذا قارب تمام الحول أو لم يقارب فأراد أن يسقط الزكاة عن نفسه ببيعه فهذا فرار من الصدقة فيكره ذلك فإن فعل فالبيع صحيح ولا يكون عاصيًا به،