وحلالًا بطل الرهن في الكل ولا فرق بينه وبين البيع، وإن قلنا: إن العلة في جهالة الثمن فلا يكون في الرهن ثمن فيصح عقد الرهن في الباقي، فحصل هاهنا على أحد القولين قولان، فإذا قلنا الرهن صحيح في الكل نظر فإن كان للراهن مال غيرها كلف إخراج الزكاة من غيرها حتى يسلم للمرتهن جميع الرهن [١٠٤ أ/٤] وتجري الزكاة مجرى مؤن الرهن فكما أن سائر المؤن على الراهن فكذلك الزكاة عليه يخرجها من سائر ماله، وقيل يؤخذ من الرهن وإن لم يكن له مال غيرها فإن الزكاة تؤخذ من الرهن. فإذا أخذت منه انتقص الرهن فيه والباقي يكون رهنا بحالة، وإذا قلنا: إن الرهن باطل في الكل فإن كان الرهن في عقد البيع هل يبطل البيع قولان، إحداهما: يبطل. والثاني: لا يبطل ولكن للبائع الخيار إن شاء أجاز البيع بلا رهن وإن شاء فسخ البيع لأنه لم يسلم له ما شرط من الرهن. وإذا قلنا الرهن باطل في قدر الزكاة فالحكم على ما بيناه إذا كان الرهن باطلًا في الكل إلا أنا إذا جوزنا البيع نخيره بين أن يفسخ البيع وبين أن يجيزه بما بقي من الرهن. ومتى أثبتنا له الخيار في فسخ البيع فأدى الزكاة من موضع آخر هل يبطل الخيار. قال القفال: إن قلنا: إنه يتعلق بمعنى الشركة لا يبطل خياره وإن قلنا بمعنى الجناية أو بالذمة سقط خياره وإن كان الرهن بدين في الذمة فبطلانه أنه لا يؤثر في الدين بحال.
مسألة: قال (١): ولو حالَ عليها حَوْلٌ وجَبَتْ فيها الصَّدقَةُ.
وهذا كما قال إذا رهنها قبل وجوب [١٠٤ ب/٤] الزكاة ثم تم الحول في يد المرتهن وجبت الزكاة فيها لأن الرهن لا يمنع وجوب الزكاة وهذا على القول المشهور أن الدين لا يمنع وجوب الزكاة. ثم إن كان له مال غيرها فإن قلنا الزكاة هي استحقاق جزء من العين فالزكاة مقدمة على حق المرتهن لأن حق المرتهن يتعلق بالذمة والمال مرهون به فاختصاص الزكاة بالعين أكثر فكانت مقدمة. وإن قلنا: إن الزكاة تتعلق بالذمة والمال مرهون بها فهنا استويا في كيفية التعلق بالعين فاختلف أصحابنا فيه منهم من قال: حق المرتهن معدوم لأنه سابق، ومسألة الأقاويل إذا لم يكن حق الآدمي سابقًا فأما إذا كان سابقًا فله مزية فيقدم، وقال في "الإفصاح": فيه ثلاثة أقاويل، أحدها: يقدم حق الله تعالى. والثاني: يقدم حق الآدمي. والثالث: يقسط على قدر الحقين كالدينين لآدميين. قال ويدل على هذا أن الشافعي قال في "الأم" فإن حلت الصدقة ولم يؤخذ له مال كان فيها قولان، إحداهما: تباع الإبل فيأخذ صاحب الرهن حقه فإن فضلا منها فضل أخذت منه الصدقة وإلا كان دينًا عليه حتى أيسره أدّاه. والثاني: يبعث في الصدقة وكان لمرتهنها الفضل [١٠٥ أ/٤] عن الصدقة وبهذا أقول هذا لا يجوز أن يكون إلا على القول الذي يقول الزكاة في الذمة فإذا ذكر الشافعي فيه قولين وجب أن يذكر القول الثالث في حق الله تعالى وحق الآدمي إذا اجتمعا أنهما سواء وأما سائر