للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما السنة: فما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما سقت السماء ففيه العشر" (١)، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليست فيما دون ستة أوسق من التمر صدقة".

وأما الإجماع: فلا خلاف فيه فإذا تقرر هذا فلا يجب العشر فيها ما لم يبلغ نصابًا والنصاب خمسة أوسق من التمر لا من الرطب. فإذا بلغ قدرًا إذا شمس يكون مشمسه خمسة أوسق، فقد وجب النصاب ولا يعتبر أن يبلغ ذلك حال وجوب الزكاة لأنها تجب ببدو الصلاح وفي الزرع بالاشتداد بل يعتبر أن يبلغ ذلك حالة الادخار، والوسق ستون صاعًا هكذا روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم [١٠٦ ب/٤] أنه قال: "ليس فيما دون خمسة أوساق صدقة، والوسق ستون صاعًا" (٢) فتكون خمسة أوسق ثلثمائة صاع كل صاع أربعة أمداد يكون ألفا ومائتي مد والمد رطل وثلث فيكون ألفا وستمائة رطل ويكون ثمانمائة منًا بالبغدادي فإن نقص عن ذلك فلا زكاة وبه قال ابن عمر وجابر رضي الله عنهما ومالك والليث والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة: لا يعتبر النصاب في المعشرات أصلًا ويجب العشر في قليلها وكثيرها إلا أن فيما دون خمسة أوسق لرب المال أن يفرق عشره بنفسه ولا يدفعه إلى الإمام بخلاف ما إذا بلغ خمسة أوسق فإنه يلزمه دفع عشرها إلى الإمام. وقال داود: ما يوسق من مكيل أو موزون فلا زكاة فيه ما لم تبلغ خمسة أوسق وما لا يوسق يجب العشر في قليله وكثيره والدليل على أبي حنيفة ما ذكرنا من الخبر والدليل على داود أن ما لا يوسق لا تعظم منفعته فإنه لا يقتات فلا حق فيه ولو ثبت لكم الحق في بالدليل. واعتبر الوسق فيما يصف أعلى منه فلأن يعتبر فيما هو أدون منه أولى فإذا تقرر هذا هل هو بقريب أم تحديد اختلف أصحابنا فيه. قال أبو حامد: هذا الذي حققه أصحابنا من اعتبار الوزن معناه إذا وافق الوزن الكيل وكان كل صاع خمسة أرطال [١٠٧ أ/٤] وقلنا بالبغدادي فأما ما يختلف كيله ووزنه مثل أن يكون التمر مكتنزًا .... (٣) فيكون ألفا وستمائة رطل منه دون ثلاثمائة صاع فلا زكاة فيه ولو كان خفيفًا يكون ثلاثمائة صاع منه كيلًا دون ألف وستمائة رطل يلزم الزكاة فيه لأن الأصل فيه المكيل قال صلى الله عليه وسلم: "المكيال مكيال المدينة والميزان ميزان مكة" (٤)، وهذا يدل على أنه على التقريب في الوزن وعلى التحديد في المكيل وهو اختيار القاضي الطبري، وهذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدرها بخمسة أوسق ومقدارها كان معلومًا عندهم على ما ذكرنا فوجب تقديره بها كما وجب تقدير الدراهم بخمس أواق، ومن أصحابنا من قال: هو تقريب فإن نقص منه شيء يسير لم تسقط الزكاة، وهذا لأن الوسق حمل الناقة عندهم وتقدير حمل الناقة ستون


(١) أخرجه البخاري (١٤٨٣)، وأبو داود (١٥٩٦)، والنسائي (٢٤٨٨)، وابن حبان (٣٢٧٤).
(٢) أخرجه الدارقطني (٢/ ٩٨).
(٣) موضع النقط بياض بالأصل.
(٤) أخرجه أبو داود (٣٣٤٠)، والنسائي (٥/ ٧٠٥٤/٢٨٤)، والطبراني في "الكبرى" (١٢/ ٣٩٣)، والبيهقي في "الكبرى" (٤/ ١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>