أعلم أنها أحد وعشرون أدبًا أحد عشر منها يختص بمكان الاستنجاء وغيره يختص بالمستنجي في نفسه، أما في مكان الاستنجاء فالأبعاد عن أبصار الناس إلى حيث لا يراه أحد، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد قضاء حاجته أبعد المذهب.
وروي أنه كان يذهب بحاجته إلى المعمس وهي على ميل من المدينة. وثاني: أن يستتر بستره لئلا يراه مارا ما بربوة أو شجرة أو في وهذه فإن لم يجد جمع رملا وجلس خلفه لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحدثوا في القزع فإنه مأوى الخافين" والفزع الموضع الذي لا بنيان فيه، وهو مأخوذ من فزع الناس الذي لا شعر فيه، وقوله: مأوي الخافين: مأوى الجن سموا خافين لاستخفائهم [٩٩ ب/ ١]، وفي البنيان لا يحتاج إلى هذا؛ لأن موضع الخلاء مهيأ مستور. الثالث: أن يتوفي مهاب الريح لأنها ترده عليه. والرابع: أن يرتاد لبوله أرضًا لينة رمالًا أو ترابًا فإن لم يجد دق الأرض بشيء حتى يلين فلا يترشش عليه لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله". وروي لأنه كان يرتاد لبوله كما يرتاد أحدكم منزله. وقال أبو موسي الأشعري: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فأراد أن يبول فأتى دمثًا في أصل جدار وبال ثم قال هذا والدمث: المكان السهل الذي يتخذ فيه البول فلا يرتد على البائل وقوله: فليرتد: أي ليطلب وليتحرك والأشبه أن ذلك الجدار غير مملوك لأحد لأنه لا يجوز ذلك في ملك أحد. والخامس أن يتوقى البول في ثقب أو سرب أو شقاق لما روى عبد الله بن سرخس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البول في حجر. ولأنه لا يأمن أن يخرج منه حيوان يلسع ذكره.
وحكى أن سعد بن عبادة بال في حجر بالشام فاستلقى ميتًا فسمع الجن تنوح عليه بالمدينة:
نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة ... رميناه بسهمين فلم تُخط فؤاده
والسادس: أن يتوفي الجدار وقوارع الطرق والمواضع [١٠٠/ أ] التي يجلس فيها الناس أو تنولها السيارة لئلا يتأذوا بها، وهذا لما روى معاذ بن جبل أن البني صلى الله عليه وسلم قال:"اتقوا الملاعن الثلاثة البراز في الموارد، وهي طرق الماء وقارعة الطريق، والظل".
وروى أبو هريرة أن النبي قال:"اتقوا اللعانين" قيل: وما