استدامته انظر فإن كان مستهلكًا لا تحرم استدامته، فإذا قلنا: لا تحرم استدامته فلا زكاة لأنه مستهلك، وإذا قلنا: تحرم استدامته تلزم الزكاة فإن كان إذا خرج بلغ نصابًا أو بالإضافة إلى ما معه يبلغ نصابًا ففيه الزكاة، وإن كان بخلاف هذا فلا زكاة.
فرع آخر
لو اتخذ الرجل حلي الذهب للصبيان اختلف أصحابنا فيه منهم من قال: وهو المنصوص في باب العيد يجوز لأنه تعيد عليهم ومنهم من قال: لا يجوز لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم في الذهب والإبريسم "هذان حرامان على ذكور آمتي حل لإناثها".
فرع آخر
يجوز أن يشد السن بالذهب فعل ذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم إن نشب في العضو وتراكب عليه اللحم صار كالمستهلك لا زكاة فيه ولو قطع أنفه فاتخذ لنفسه أنفًامن ذهب أو فضة جاز والأولى الذهب لأن الفضة تنتن وتصدأ والذهب لا ينتن ولا يصدأ والأصل فيه ما روي أن رجلًا جدع أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفًا من فضة فأنتن عليه فشكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"اجعل مكانه ذهبًا"(١)، وإن قطع [١٥٢ أ/٤] إصبعه فاتخذ إصبعًا من فضة لا يجوز لأنه لا يعمل عمل الإصبع فلم يكن إلا مجرد الزينة فلا يجوز ولو اتخذ منها أنملة جاز لأنها تعمل عمل الإصبع فيمكن تحريكها بالقبض والبسط ذكره القفال، ولو انقلعت سنه فاتخذ شأ من ذهب يجوز وتلزم الزكاة في أحد القولين في الأنف ولا تلزم في السن لما ذكرنا أن السن يصير متهلكًا بتراكب اللحم عليه بخلاف الأنف.
فرع آخر
المضبب من الأواني على أضرب: أحدها: أن يكون التضبيب يسيرًا للحاجة فهو مباح ومن جملته الحلقة للقصعة وهذا كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم الثاني: أن يكون كثيرًا لغير الحاجة فهو حرام، والثالث: أن يكون كثيرًا للحاجة أو قليلًا لغير حاجة فهما مكروهان، ولا يحرمان والكراهة في الأول هي للكثرة، وفي الثاني لعدم الحاجة ونفي التحريم في الأول للحاجة، وفي الثاني للقلة وفيه وجه آخر كلاهما حرام وهو ضعيف، ومن أصحابنا من قال: إن كان هذا على شفة الإناء بحيث يلاقيه فم الشارب يحرم وإلا فلا، ويروى هذا عن مالك والمرجع في الكثير واليسر إلى العرف والحالة، ومن أصحابنا من راعى فيه ما يراعى في الحرم في اليوم في الثوب العنابي، ومن أصحابنا من قال الكثير أن يكون [(١٥٢) ب/ (٤)] جزء كامل منها معيبًا كفها أو أسفلها ونحو ذلك، والأول أصح فإذا قلنا؛ يجوز فهو كالحلي المباح، وإذا ثلنا؛ يحرم فهو كالحلي
(١) أخرجه أحمد (٥/ ٢٣)، وأبو داود (٤٢٣٢)، والترمذي (١٧٧٠)، والنسائي (٥١٦١)، وابن حيان (٥٤٣٨).