الشافعي: أنه جعلها في حكم الدراهم في ابتناء حول العرض على حولها ثم اعترض فقال: إذا كانت فائدته نقدًا فحال العرض من حين أفاد النقد وأراد بالنقد الدراهم والدنانير وعلل بأن معنى قيمةَ العرض للتجارةً والنقد في الزكاةً ربع العشر أي: هما متفقان في قدر الواجب فيهما فجاز أن يبنى حول أحدهما على الآخر وليست كذلك زكاةُ الماشيةَ مع زكاةَ العرض لأنهما مختلفان في قدر الموجب ثم أوضح بأن في خمس من الإبل السائمةً شاةُ أفيضم ما في حوله زكاةً شاةً إلى ما في حوله زكاة ربع العشر أي: لا يجوز ابتناء الحولين عند اختلاف الموجبين ثم أيد هذا بأن قال: ومن قوله لو أبدل إبلًا ببقر أو بقراً بغنم لم يضمها في الحول لأن معناهما في الزكاة [١٦٦ أ/ ٤] مختلف فكذلك هاهنا والجواب عن هذا من وجوه: أصحها أن الحكم على ما ذكره المزني ولكن ليست العلةُ ما ذكرها من اتفاق الموجبتين أو اختلافهما إذ لو كان كذلك لكان أداء بازل الدراهم بالدنانير أو ماشيةُ بجنسها وجب أن ينبني حول أحدهما على حول الآخر لاتفاق الموجبين بل العلةً ما أشرنا إليه من كون الدراهم أو الدنانير معدتين لشراء عروض التجارةً بخلاف المواشي فإذا تقرر هذا بقي الآن علينا الاعتذار للشافعي في الجمع بين أن يكون وبين أن يكون ماشيةً فنقول: إنما جمع بينهما يجوز إلا أنه صور المسألةً في استفادةً ثمن العرض ووقت الشراء وصرح به فإذًا لا فرق في هذا العرض بين أن يعبر بحولان الحول من يوم اشترى العرض وبين أن يعبر بحولان الحول من يوم أفاد ثمن العرض إذ كلا اليومين يوم واحد ثم إذا صرنا إلى التحقيق والتدقيق يعبر بما عبر به المزني، ومن أصحابنا من اعتذر بأن الشافعي جمع بين ثلاث مسائل: إذا اشترى بدنانير أو بدراهم أو بالماشيةً ثم أجاب عن المسألتين الأولتين دون الثالثةً، والشافعي قد يجمع بين مسائل ويجيب عن بعضها وهذا بين في كلامه لأنه قال: حتى يحول الحول من يوم أفاد ثمن العرض [١٦٦ ب/ ٤] والثمن يطلق على التقدير دون الماشيةً ومن أصحابنا من اعتذر بأنه أراد إذا اشترى أربعين شاةً بنيةَ التجارةُ بما لا يجب الزكاةً فيه ثم اشترى بها عرضًا فإنه يبني حول العرض عليها على القول الذي يقول تجب في الماشيةُ زكاةُ التجارةً، وقال أبو يوسف الإصطخري: إن اشترى عرضًا بماشيةً يبني على حول وادعي أن هذا مذهب الشافعي وخالف المزني واستدل بأن العرض فرع، والماشيةً أصل فأشبه الأثمان بخلاف ما إذا بادل أصلًا بأصل وهذا غلط، لما ذكرنا.
فرع
إذا كان يبتاع النيل ليصغ به ثياب الناس أو شحمًا ليدهن به الجلود ويبيع أو ما يبقى له عين في المعمول فيبقى في يده حولًا تجب زكاةُ التجارةً فيه لأن عين المال يبقى بعد الاستعمال ويقابل بالعرض ويجري مجرى بيع العين إلا أنها لا تفرد بالعقد، ولهذا قلنا في المفلس: إذا اشترى ثوبًا ونيلًا ثم صبغه ثم رجعا جميعًا فيه وإن كان مما لا يكون له عين في المعمول فيه كما لو اشترى الصابون والأسنان ليغسل به ثياب