للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هاهنا يدل على أنه لا فرق بين الصرفي وغيره.

مسألة: قال (١): ولو اشترى عرضًا لغير تجارةً فهو كما لو ملك بغير شراء.

وهذا كما قال: إذا اشترى عرضًا بنيةَ التجارةً فإنه يصير للتجارةً بهذه النية ويعتبر الحول من حين الشراء لخبر سمرةً بن جندب رضي الله عنه، فإن قيل: أليس قد قلتم: لو اشترى شاةً بنية الأضحيةً فإنها لا تصير أضحيةً فما الفرق؟ قلنا: الفرق أن جعلها أضحيةً إزالةُ ملك والبيع جلب ملك فلا يجوز أن يجتمع البيع وإزالةً الملك بخلاف مسألتنا ولو اشتراه لا بنيةَ التجارةً أو نواه لغير التجارة مثل الإمساك للفرش أو اللبس لا يصير للتجارةً فإن نوى التجارةً بعده لا يصير للتجارةً ولا زكاةً حتى يبيعه ثم يشتريه ثانيًا بنيةَ التجارةً وبه قال جماعةُ العلماء، وقال إسحاق وأحمد في روايةً: إنه يصير للتجارةً بهذه النية وبه قال أبو ثور والحسين الكرابيسي من أصحابنا، وهذا غلط؛ لأن كل ما لا تجب الزكاةً في أصله لا تجب الزكاةً فيه بمجرد النية كالماشيةً المعلوفةً إذا نوى أن يجعلها سائمةً. فإن قيل: أليس لو اشترى العرض بنيةَ التجارةً ثم نوى آن يكون للقنيةً سقطت [١٧٠ ب/ (٤)] الزكاةً فما الفرق؟ قلنا: قال مالك في رواية: هاهنا لا يصير باليةَ للتجارةً وهو غلط، والفرق ظاهر؛ وذلك أن الأصل فيه الفنية وأن لا زكاةً فيه فيرجع إلى الأصل بمجرد النيةَ ولا ينتقل عن الأصل بمجرد النيةَ وهذا كما يقول في المقيم؛ إذا نوى السفر فلا يصير مسافرًا وإذا نوى المسافر الإقامةً فإنه يصير مقيمًا، وإن لم يترك المشي لأن المقيم قد يمشي وأيضًا إذا نوى القنيةً فقد حصلت النيةَ وترك التصرف فانضم إلى النيةً غيرها فهو كما لو اشترى سلعةً بنية التجارةً تصير للتجارةَ وتنتقل عن حكم الأصل لحصول الفعل مع النية، ثم قال الشافعي (٢): هاهنا وأحب لو فعل، أي: واجب لو أخرج الزكاةً ولم يقل هذا في المسألةً المقدمة استصحابًا للحالةُ المتقدمةً في كل واحدةً منهما في المسألةَ الأولى: لم يكن العرض في الأصل زكاتياً فلم يصر بمجرد نيته زكاتيًا، وفي المسألة الثانية: كان الحول قد انعقد وقد أبطله بنيته بعد انعقاده فكذلك استحب له إخراج الزكاةً منه ثم بين الشافعي أن نيةَ التجارةً فيما كان للقنية ونيةَ القنيةً فيما كان للتجارةً يفارق نيةُ السوم في المعلوفةً ونية العلف في السائمة فقال: ولا يشبه هذا السائمة أي الذي قد ذكرنا لا يشبه هاتين [١٧١ ب/ (٤)] المسألتين ولم يذكر المعنى المفرق لوضوحه وهو أن الإمامةً والعلف كل واحد منهما فعل مباشر والأفعال لا تحصل بالنيات من غير مباشرةً، وهاهنا التجارة التصرف والقنيةً ضدها وهو ترك التصرف فما كان للقنيةَ لا ينقلب للتجارةً حتى يحصل مباشرةً التصرف وما كان للتجارةَ ينقلب للقنية بمجرد النية، لأنه في الحال غير متصرف فيه فيمر للقنيةً بترك ذلك التصرف.

فرع

لو نوى قنيةَ بعضه فإن حد ذلك البعض فحكمه يتغير، وإن لم يحد ذلك البعض فيه


(١) انظر الأم (٢/ ٤١).
(٢) انظر الأم (٢/ ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>