الربح وبه قال أبو حنيفة، وأصل هذه المسألة أن العامل متى تملك نصيبه من الربح؟ فيه قولان.
أحدهما: أن يملك بالمقاسمة والقبض بعد المقاسمة وهو اختيار الشافعي والمزني ووجهه ما ذكر المزني في آخر الباب، قال: أو ملكه زائدًا لملكه ناقصًا كالشريكين في المال ثم لو خسر حتى لم يبق للعامل في المال حق يعلمنا أنه لا حق من حيث الملك قبل الخسران.
والثاني: يملك بالظهور نصيبه من الربح لأنه عقد على أصل يقتضي اشتراك المتعاقدين في النماء فإذا صح العقد وحصل النماء كان النماء مملوكًا لهما كالمساقاة وهذا أقيس القولين، ومن نصر هذا أجاب عما قال المزني بأنه يبطل بجانب رب المال فإن الربح عند الزيادة ولا شيء له من ذلك عن التراجع، وإنما يكون له ما كان من قبل وهو رأس المال، لأن الشرط هو الشركة في الربح لا غير فمتى ذهب الربح ذهبت الشركة فإذا تقرر هذا فالكلام في ثلاثة فصول، الحول، ووجوب الزكاة، والإخراج [١٧٨ ب/ ٤].
وجملته أنه لا يخلوا حال رب المال والعامل من ثلاثة أحوال: إما أن يكونا مسلمين أو نصرانيين أو أحدهما مسلمًا والآخر نصرانيًا فإن حال الحول وجبت الزكاة عليه عن الكل فلما حال الحول كذلك فهو بالخيار بين أن يخراج الزكاة من غير هذا المال وبين أن يخرج من غيره، فإن أخرج من غيره بالقراض بحاله، وإن اختار إخراجها من عينه أخرج خمسين درهمًا، ومن أين يحتسب فيه ثلاثة أوجه.
أحدهما: وهو الأصح يحتسب من أصل رأس المال ألفًا إلا خمسين، والثاني: يكون من الربح كالنفقة والمؤنة من أجرة الجمال والبيت والدلال ونحو ذلك، والثالث: يكون مقسومًا على رأس المال والربح لأن الزكاة تجب فيهما فعلى هذا ينفسخ القراض في خمسة وعشرين درهمًا، وهذا أقيس.
وقال بعض أصحابنا بخسران: هذا مبنى على أن الزكاة في العين أو في الذمة فإن قلنا: في العين فهو كسائر المؤن وهذا أصح، لأن الشافعي قال في عبد التجارة: عليه زكاة الفطر وهو من مؤن المال، وإن قلنا في الذمة: كصبي كأنه استرد طائفة من [١٧٩ أ/ ٤] رأس المال فهي من أصل المال، وإذا قلنا: على رب المال زكاة الأصل وزكاة حصته من الربح يكون قدر الزكاة عليه سبعة وثلاثين درهمًا ونصف درهم وحكمها ما ذكرنا، وزكاة الباقي على العامل والكلام فيه في الفصول الثلاثة في الحول والوجوب والإخراج.
أما الحول: فمن حين الظهور نص عليه في "الأم" لأنه على هذا القول يملك الربح بالظهور ومن أصحابنا من قال: أومأ الشافعي على قولين في "الأم" أحدهما: هذا، والثاني: من حين التقويم لإخراج الزكاة منه لأن الربح مظنون وإنما يتحقق ذلك