للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل

وهذا كما قال: إذا ملك نصابًا من الأموال الزكاتية خمسًا من الإبل أو أربعين شاه أو خمسة أوسق من الزرع أو عشرين مثقالًا من الذهب أو مائتي درهم من الورق، وعليه دين يستغرق النصب نظر فإن كان له مال غير هذا النصاب (١٨١ ب/ ٤) فيه قولان.

قال في "الأم" (١): لا يمنع بل يخرج الزكاة ويقضي الدين مما بقى بعد أداء الزكاة وهو الصحيح، وبه قال ربيعة وحماد وابن أبي ليلى ووجهه أنه حر مسلم ملك نصابًا من السائمة حولًا فأشبه إذا لم يكن عليه دين، وقال في القديم: واختلاف العراقيين من الجديد يمنع وجوبها كما يمنع وجوب الحج وبه قال سليمان بن يسار والحسن والليث والثوري وأحمد وإسحاق رحمهم الله، وقيل: لا فرق بين الدين المؤجل والحال في ذلك وروي عن أحد رواية في الأموال الظاهرة أنه لا يمنع وجوب زكاتها.

وقال مالك والأوزاعي: إن كان معه دراهم أو دنانير وعليه مثلها دين فلا زكاة، وإن كانت مواشي أو ثمار فإنه يلزمه الزكاة وكذر بعض أهل خراسان: أن الشافعي قاله في موضع فيكون قولًا ثالثًا، ووجهة: أن في النقد يؤدي إلى اجتماع زكاتين على رب الدين ومن عليه الدين وفي غيره لا يؤدي إلى هذا، ومن أصحابنا من أنكر هذا وقال: قول الشافعي في القديم لمعنى وهو أن في قوله القديم: يجب دفع زكاة الأموال الظاهرة إلى الإمام فلا نصدقه أنه مديون فإن صح عنده ذلك لم يجز له أخذ الزكاة، وقيل: موضع القولين (١٨٢ أ/ ٤) إذا كان الدين وما في يده جنس واحدة فإن كانا جنسين فقول واحد يلزم احترازًا من إيجاب زكاتين وهذا كله غير معتمد وقد روى أصحاب مالك عن عمير عن عمران عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان للرجل ألف درهم وعليه ألف درهم فلا زكاة عليه"، وقال أبو حنيفة: الدين الذي تتوجه المطالبة به يمنع وجوب الزكاة في الأموال إلا في الحبوب والثمار، وقال: لو كان عليه مائتا درهم دينًا وله مثل ذلك ومن العروض ما يسوي ألوفًا فلا زكاة في المائتين التي له فخالف جميع ما ذكرنا من العلماء واحتج بأنه تحل له الصدقة فلا تجب عليه الصدقة وهذا غير صحيح فيما صورنا لأنه لا تحل له الصدقة وتبطل بابن السبيل فإنه تحل له الصدقة وتجب عليه الصدقة في ماله الذي في بلده، وإن كان له أكثر من نصاب واحد فإن كان ما زاد على النصاب يفي بالدين لزمته الزكاة في النصاب قولًا واحدًا، وإن كان لا يفي بالدين كمسألة القولين، وأما قوله في "المختصر": فاستعدي عليه السلطان أي: رفع إليه قبل الحول وإنما ذكر ذلك مبالغة في حكم المسألة لا شرطًا إذ لا حكم [١٨٢ ب/ ٤] للاستعداء عليه ما لم يقض عليه.


(١) انظر الأم (٢/ ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>