تكون موضأة، وهذا غلط قياسًا على الخارج من الدبر. وقال مالك: أو وضوء في غير المعتاد من القيح والدم والصديد والمذي إذا استدام، ووافقنا في الاستحاضة أنه ينقص الوضوء. وقال ربيعة: لا وضوء في دم الاستحاضة أيضًا. وروى هذا غير مالك وهذا أغلط؛ لأنه خارج من المخرج المعتاد للحدث فأشبه البول.
وروى عن على-رضي الله عنه- أنه قال: كنت رجلًا مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني فأنفذت إليه المقداد بن الأسود فقال: مره فلينضح فرجه بالماء ثم يتوضأ فإن كان فحل مذاء. وروى عن علي-رضي الله عنه- أنه قال: كنت أكثر الغسل من المذي حتى تشقق ظهري فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:" إنما يكفيك أن تنضح على فرجك وتتوضأ وضوءك للصلاة" فإن قيل: كون الخارج غير معتاد لكون المحل غير معتاد، بأن خرج من ينفك أو فرج أو فم وذلك [١٠٣ ب/ ١] لا يوجب الوضوء كذل هذا. قلنا: النادر إذا خرج لا ينفك عن شيء يسير من المعتاد، وإن كان أدنى بلل، وذلك القدر كاف لبطلان الوضوء. وقال داوود: لا يجب بالدود والدم خاصة وهو غلط أيضًا لما ذكرناه. والمذي: ماء رقيق يخرج عند الشهوة يكون على رأس الذكر ريحًا. والودي: ماء ثخين يخرج بعد البول متقطعًا كدرًا وهما نجسات، ولو أدخل قطنة أو سمسمة في إحليله أو سارًا وهو الميل ثم أخرجه انتقضت الطهارة بخروجه على كل حال سواء اختلط بغيره أو لا.
فرع
لو أطلعت دودة رأسها من أحد ولم ينفصل حتى رجعت، هل يجب الوضوء؟ وجهان: أحدهما: يجب لأن ما طلع صار خارجًا وهو الأظهر عندي.
والثاني: لا يجب لأن الخارج لم ينفصل.
فرع آخر
لو انسد المخرج المعتاد وانفتح للبول أو النجو موضع آخر. قال الشافعي في حرملة: إن كان دون المعتدة انتقض الوضوء بالخارج منه، وإن كان فوقها لم ينتقض. وقال في موضع: ينتقض الوضوء وأطلق. قال أصحابنا: الحكم فيه أنه إن كان دون المعدة ينتقض الوضوء قولًا واحدًا؛ لأن الله تعالى قال:{أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}[المائدة: ٦] ولم يفصل، ولأن الله تعالى أجرى العادة أنه لا بد لكل أحد من موضع يخرج منه البول والغائط، فإذا انسد الأصل وانفتح موضع آخر [١٠٤/ أ] صار الثاني هو المعتاد، فانتقص الوضوء بالخارج منه، وإن كان فوق المعدة فيه قولان. أحدهما: ينتقض الوضوء لما ذكرناه. والثاني: لا ينتقض نص عليه في حرملة.