للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا كما قال: أراد بأهل الناحية أهل المدينة، وأراد بالزكاة ربع العشر واختلف أهل العلم في القدر الواجب فيه فالذي نص عليه الشافعي في "الأم" (١) و"القديم" و"الإملاء": أن الواجب فيه ربع العشر وبه قال أحمد وإسحاق وهي رواية عن مالك وهذا هو المذهب ووجهه ما روينا من خبر بلال بن الحارث، ولأنه مستفاد من الأرض لم يملكه غيره فلا يجب فيه الخمس كالزرع، وقال مالك والأوزاعي وعمر بن عبد العزيز: يختلف الواجب فيه باختلاف [٢٠٢ ب/ ٤] المؤنة فما وجد منه في أثر السبيل أو كان مجتمعًا لا يحتاج إلى طحين وتحصيل وتحمل مؤنة ففيه الخمس، وما كان بخلاف ذلك ففيه ربع العشر، وأومأ إلى هذا في "الأم" وهو الرواية الظاهرة عن مالك، ووجه هذا أنه مستفاد من الأرض يتعلق به حق الله تعالى فيختلف باختلاف المؤنة كالزرعة وقيل: هذا أحسن الأقوال للجمع بين الأخبار المختلفة فيه، وقال الزهري وأبو حنيفة: يجب فيه الخمس بكل حال، وحكي عن المزني: أنه اختاره، فمن أصحابنا من قال: ليس للشافعي ما يدل على هذا القول، ولكن أصحابنا خرجوه قولًا آخر وقيل: أومأ الشافعي في "الأم" إلى الأقاويل الثلاثة والمسألة مشهورة بالأقوال ووجهه ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "في الركاز الخمس" وقيل: يا رسول الله وما الركاز؟ فقال "هو الذهب والفضة والمخلوقان في الأرض يوم خلق الله تعالى السموات والأرض" (٢) وقد روى ما يعارض هذا وهو أنه صلى الله عليه وسلم قال: "في الركاز الخمس وفي المعدن الصدقة" (٣).

مسألة: قال (٤): وما قيل فيه الزكاة فلا [٢٠٣ أ/ ٤] زكاة فيه حتى يبلغ الذهب منه عشرين مثقالًا.

الفصل

وهذا كما قال: النصاب عندنا هو معتبر فيما يؤخذ من المعدن ولا يجب الحق فيما دون النصاب قولًا واحدًا، هكذا ذكره أهل العراق ووجهه قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون عشرين دينارًا من الذهب شيء" وقال القفال وجماعة: إذا أوجبنا الخمس هل يشترط فيه النصبا؟ قولان أحدهما: لا يشترط ويجب في قليله وكثيره وهو قول أبي حنيفة. والثاني: يشترط وبه قال مالك وأحمد وسحاق.


(١) انظر الأم (٢/ ٣٦).
(٢) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٧٦٤٠)، وفي "معرفة السنن" (٢٣٧٩)، وقال البيهقي: تفرد به عبد الله بن سعيد المقبري وهو ضعيف جدًا، خرجه أحمد بن حنبل بن معين وجماعة من أئمة الحديث.
(٣) قال ابن حجر في "التلخيص": لم أجده هكذا، لكن اتفقا على الجملة الأولى من حديث أبي هريرة. انظر التلخيص (٨٦٤).
(٤) انظر الأم (٢/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>