للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا وجد مالًا مدفونًا لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون الموضع مواتًا أو غير موات فإن كان مواتًا لا يخلو الموجود من ثلاثة أحوال: إما أن يكون من ضرب الجاهلية أو الإسلام أو منهما فإن كان من ضرب الجاهلية وهي الدراهم الكسروية التي عليها الصورة والتماثيل فهو الركاز الذي أوجب النبي صلى الله عليه وسلم فيه الخمس لأن الظاهر أنه ملك الجاهلية وأنه لم يزل عن ملكهم وإنما أوجب الخمس لأنه يوجد دفعة واحدة من غير مؤنة في تحصيله فكثر فيه الواجب، وإن كان من ضرب الإسلام الذي عليه اسم الله تعالى واسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو لقطة يعرفها حولًا وإن كان مبهمًا [٢٠٧ أ/ ٤] لا سكة عليه من ضرب الجاهلية أو غيره فالمذهب المنصوص أنه لقطة لأنه مملوك لا يستباح إلا بتعين هذا ذكره البغداديون من أصحابنا، وقال البصريون: المنصوص أنه يكون ركازًا لأن النفقة تشهد له وهي الموات والإسلام وطارئ، وقيل: إن الشافعي قال في "الأم": أحب أن يعرفه ويخمسه ولا أجبره على التعريف، ولو كان لقطة لم يجز أن يخمسه، وإن كان الموضع مملوكًا لا يخلو من أحد أمرين: أما أن يعرف مالكه أو لا يعرف فإن لم يعرف مالكه لا ابتداء ولا انتهاء مثل الأراضي العادية والأراضي الجاهلية الذين بادوا وفنوا فإن ما يجده فيها من الذهب والفضة هو بمنزلة ما يجده في الموات لأن ما لا سبيل له إلى معرفة مالكه فهو بمنزلة ما لا مالك له ومن جملة ذلك ما نجد في قبورهم فقد روى عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال: لما خرجنا إلى الطائف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "هذا قبر أبي رغال خرج إلى هاهنا فأصيب كما أصيب أصحابه فدفن هاهنا رأيت ذلك أنه دفن ومعه غصن من ذهب فمن نبشه وجده" فابتدره الناس فأخرجوه. وروى [٢٠٧ ب/ ٤] عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلًا وجد كنزًا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن وجدته في قرية مسكونة أو في سبيل متباعد فعرفه، وإن وجدته في خربة جاهلية أو قرية غير مسكونة ففيه وفي الركاز الخمس" وإن كانت الأرض إسلامية فإن عرف مالكها ففي ظاهر الحكم ملك صاحبها فإن كانت لمسلم أو ذمي لم يتعرض له لأنه لا يجوز التصرف في ملكهما وإن كانت لحربي .... (١) لأخل الخمس والباقي .... (٢) وقال أبو حنيفة: إذا وجده في موات دار الحرب فهو غنيمة وكله له بناء على أصله فيمن دخل دار الحرب وحده فأصاب مالًا فكله له، وقال أبو يوسف وأبو ثور: هو ركاز وعلى هذا عن أبي حنيفة: ولا يصح وهذا غلط، لأن الظاهر أنه لصاحب الأرض لأن يده عليها وإن لم يعرف مالكها، وقال أصحابنا هو لقطة، وقال في "الحاوي" (٣): وهو اختيار القفال هو لبيت المال ولا يكون لقطة لأنه وجد في الملك فلا يكون لقطة وإنما يكون إذا وجد في غير ملك وضاع من صاحبه.


(١) (٢) موضع النقط بياض بالأصل.
(٣) انظر الحاوي للماوردي (٢/ ٣٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>