للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على غير رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما الصلاة التي هي تحية لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها بمعنى التعظيم والتكريم تختص به لا يشركه فيها إلا الله، والدعاء لا يتعين والأحسن ما قال الشافعي (١)، وهو أن يقول: آجرك الله فيما أعطيت وجعله لك طهورًا وبارك لك فيما أبقيت لأنه جمع في دعائه ثواب ما أعطى والبركة فيما أبقى وبأي شيء دعا بما يليق بحالة جاز، قال الشافعي: وكان طاوس واليًا على صدقات [٢١٣ أ/٤] بعض البلاد فكان يقول أدُّوا زكاتكم رحمكم الله لا يزيد على هذا.

وقال القفال: لا يقول صلى الله عليه وسلم على فلان لأنه ليس من الأدب أن يصلي أحد على غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجوز تبعًا فيقول اللهم صلِ على محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه، والنبي مخصوص بأن له أن يصلي على غيره وهذا كصاحب الدار يرفع من أراد إلى مجلسه وليس لغيره في داره ذلك دون إذنهن ومن أصحابنا من قال: إذا سأل رب المال الدعاء له هل يجب عليه وجهان أحدهما: يجب لظاهر الآية، والثاني: لا يجب وهو الأصح لأنه مؤد لعبادة واجبة عليه فلا يجب الدعاء له كالمصلي ونقيس على ما لو لم يسأل رب المال الدعاء له لا يجب بالإجماع، وقال داود: يجب الدعاء له وهو غلط ظاهر لأنه حملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقات كثيرة فلم ينقل أنه دعا لغير آل أبي أوفي.

ويستحب للمسكين إذا دفع إليه رب المال الزكاة بنفسه أن يدعو له بمثل ما ذكرنا وينبغي لرب المال أن يؤديها عن طيب القلب كما ورد في الجن ولا يدافع الوالي إذا كان عدلًأ [٢١٣ ب/٤] وقد روى عبد الله بن معاوية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الإيمان من عبد الله وحده وأنه لا إله إلا هو وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه رافده عليه كل عام ولم يُعط االهرمة ولا الدَّرِنة ولا المريضة ولا الشرط اللئيمة ولكن من وسط المال، فإن الله لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره" (٢) وقوله رافدة أي: معينة وأصل الرفد الإعانة والدرنة هي الجرباء وأصل الدرن الوسخ والشرظ هي رد آلة المال.

فروع متفرقة

ذكرها والدي رحمه الله أحدها: رجل له عشرون دينارًا أحد عشر شهرًا ثم استفاد خمسة عشر دينارًا وتلفت من العشرين الأولى خمسة عشر وبقيت الخمسة ثم تمَّ حول العشرين فعليه زكاة الخمسة ولا زكاة عليه في الخمسة عشر المستفادة ما لم يتم حولها من وقت الاستفادة والمعنى أن فيه الخمسة بقيت على ملكه إلى تمام الحول وبيده في جميع الحول ما يبلغ الخمسة معه نصابًا وهو قياس ما قلنا فيمن وجد دينارًا من المعدن


(١) انظر الأم (٢/ ٥١).
(٢) أخرجه أبو داود (١٥٨٢)، والطبراني في "الصغير" (١/ ٢٠١)، والبيهقي في "الكبرى" (٧٢٧٥)، والبخاري في التاريخ الكبير" (٥/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>