وعن عبده ثم مات ينظر فيه فإن كان المال يفي بالدين وزكاة الفطر ففي الدين وزكاه وإن كان لا يفي بهما فزكاة فطر نفسه وجبت في ذمته كالديون فيكون فيها الأقاويل الثلاثة أحدها: يبدأ بدين الله تعالى. والثاني: يبدأ بدين الآدمين والثالث: يقسط على قدر الحقين وهو الأقيس، وأما زكاة فطر العبد فخرجها أبو إسحاق على وجهين: أحدهما: كزكاة نفسه تثبت في ذمته، والثاني: يبدأ بزكاة فطره قبل الدين قولًا واحدًا لأنها متعلقة برقبة العبد والدين يثبت في الذمة فوجب تقديمها عليه كما يجب تقديم زكاة المال عليه ويقدم زكاة الفطر على الوصايا لأن الغرض أولى من التبرع ويقدمه على الميراث لأنها مما يحتاج إليه الميت، وقال أبو الطيب بن سلمة: زكاة [٢٣٤ أ/٤] الفطر تقدم على الدين قولًا واحدًا لقلتها في الغالب وتعلقها بالرقبة وهو المنصوص هاهنا، وقال أبو حنيفة: تسقط الزكوات كلها بالموت وهذا غلط، لأنه دين مستقر عليه في حياته فلا يسقط بموته كدين الآدمي فإذا تقرر هذا فلو أخرج الوارث الزكاة عن الميت من ماله يجوز ولو أخرج الأجنبي قال أصحابنا: المذهب أنه يجوز كما قال في الحج الواجب: لو حج عنه بعد موته أجنبي فإنه يجوز وهل يأثم بتأخيرها، إن وجد الإمكان وأخر أثم، وإن لم يتمكن فإن قلنا: الإمكان من شرائط الوجوب فلا شيء، وإن قلنا: هو من شرائط الضمان يقضي عنه.
فرع
لو مات العبد قبل أن يمكنه إخراج الفطرة عنه قال ابن سريج: فيه قولان، أحدهما: لا يلزمه إخراجها كما لو تلف المال قبل الإمكان لا يلزم زكاة المال، والثاني: وهو الأصح يلزمه إخراجها لأنها تعلقت بذمة السيد دون رقبة العبد، ألا ترى أنه إذا ظاهر من امرأته وعاد فقبل إمكان إخراج الكفارة ماتت المرأة لم تسقط الكفارة لأنها لم تتعلق يعني المرأة كذلك هاهنا ويفارق زكاة المال لأن تلك تجب مواساة [٢٣٤ ب/ب] من المال فإذا تلف المال خرج عن أن يكون من أهل المواساة بغير تفريط منه وهاهنا يجب تطهيرًا فلم تسقط كالكفارة.
وهذا كما قال: إذا مات قبل وجوب زكاة الفطر وعليه دين يستغرق جميع ماله فإن العبد وسائر المال يكون للورثة ويجب زكاة الفطر على الورثة في مالهم والدين لا يمنع من مالك الورثة لتركه عند الشافعي كما نص عليه هاهنا.
وقال الإصطخري: لا يملك الورثة التركة إذا كان على الميت دين يستغرق ولا يجب عن هذا العبد زكاة الفطر أصلًا هكذا ذكر أصحابنا، وقال القاضي الطبري هذا خطأ على الإصطخري ويجب أن يكون بمنزلة العبد الموصى به فيجب زكاة الفطر في تركة الميت في أحد القولين وهذا غلط، لأنه يلزم الإصطخري أن يقول إذا خلَّف مالًا