للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أصحابنا من قال: فيه قولان وعند أبي حنيفة: لا يجوز على طريق الأصل، ومن أصحابنا من قال: لا يجوز أهل الحضر، وإن كان لهم قوتًا قولاً واحدًا، لأنه نادر وفي أهل البادية قولان: فإن قيل: أليس قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: كنا نخرج وهو كان حضريًا، قلنا: أنه قد صح إنه كان يسكن البادية كثيرًا وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إذا كنت في باديتك فارفع صوتك بالأذان" فإذا قلنا: أنه يجوز الأقط فيجوز اللبن مع وجوده لأن اللبن أكمل منه لأنه يجيء منه الأقط وغيره، ويجوز الجبن أيضًا لأنه مثله ولا يجوز المصل والكشك، وإن كان قوتًا لهم لأنه لا يمكن اقتناؤه مفردًا، وأخرج منه الزبد، وقال أبو حامد: يجوز اللبن إذا لم يجد الأقط لأن الأقط أكمل منه فإنه بلغ حد الادخار، وقيل: قال في "القديم": إن أخرج اللبن عند عدمه أجزأه وقيل: إذا جوزنا الأقط ففي اللبن وجهان بكل حال، لأنه لا يدخر والأقط الذي يمكن [٢٤٨ أ/٤] اقتناؤه أن لا يكون مالحًا شديد الملوحة فإن شدة الملوحة فيه عيب ولو ملح الحنطة لا يجوز أيضًا، وقال أصحابنا بخراسان: لا يجوز الجبن بحال لأنه لا يقتات والأصح ما تقدم، ذكره القاضي الطبري وقيل: إن كانوا يقتاتون اللحم فالحكم فيه كالحكم في اللبن لأنه منفصل عن أصل تجب فيه الزكاة وفيه معنى القوت بخلاف الحبوب البرية.

وأما أهل جزائر البحر الذين يقتاتون السمك وأهل الفلوات النائية الذين يقتاتون البيض ولحوم الصيد لا يجوز ذلك في زكاة الفطر بحال لأن ذلك نادر وقولهم غير راجع إلى أثر وحكي عن الزهري وربيعة وعطاء أنهم قالوا: لا تجب زكاة الفطر على أهل البادية لأنه لا قوت لهم وهذا خلاف الإجماع ونص السنة.

مسألة: قال (١): وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ الرَّجُلُ نِصْفَ صاعٍ حِنْطَة وَنِصْفَ صَاعٍ شعير.

الفصل

وهذا كما قال: إذا كان الموجب عليه واحدًا والمخرج عنه واحدًا لا يجوز إلا صاع كله من جنس واحد، وقال أبو حنيفة يجوز أن يخرج نصف صاع تمر ونصف صاع [٢٤٨ ب/٤] شعير كما يجوز في كفارة اليمين أن يطعم خمسة مساكين ويكسو خمسة وهذا غلط، لأنه إثبات تخيير لم يثبته الشرع ولو ملك رجل نصفين من عبدين وقوته شعير فاخرج من أحد النص ٢ فين شعيرًا ومن الآخر قوتًا آخر لا يجوز لأن المخرج عنه اثنان، وغن كان المخرج واحدًا ولو كان يزكي زكاة الفطر عن جماعة فأخرج عن بعضهم جنسًا غير الجنس الذي أخرج عن البعض يجوز ثم قال (٢): وإن كان قوته حنطة لم يكن له أن يخرج شعيرًا وهذا يدل على أنه لا يتخير خلاف ما اختاره القاضي الطبري ثم قال (٣): ولا يخرجه من مسوس ولا معيب وهذا لا خلاف فيه لقوله تعالى: {ولا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [البقرة: ٢٦٧] الآية، ثم بين أنه إذا لم يكن من القدم


(١) انظر الأم (٢/ ٥٨).
(٢) انظر الأم (٢/ ٥٨).
(٣) انظر الأم (٢/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>