للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من معروف صغره وقال صلى الله عليه وسلم: "أطعموا الطعام وافشوا السلام وصلوا بالليل والناس نيام:، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الصدقة أفضل، فقال: "جهد المقل" (١) وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "حث رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس على الصدقة فقلت: والله لأسبقن أبا بكر هذا فعمدت إلى نصف مالي فأخذته وعدوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوجدت أبا بكر قد سبقني فقال لي: ما حملت فقلت: نصف مالي وقال لأبي بكر: ما حملت فقال: جميع مالي فقال: ما أعددت لأهلك فقال: الله ورسوله فقلت لأبي بكر: والله لا أسابقك أبدًا" (٢)، ولم يمنعه من التصدق بكل ما له حتى عزب منه صحة التوكل واليقين، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم [٢٥٣ أ/٤] قال: "رحم الله إمرأً أمسك فضل لسانه وبذل فضل ماله ووسعته السنة ولم تستهوه البدعة ولم يدعها إلى بدعة" (٣) وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل لرجل فتصدق عليه بثوبين فلما كانت الجمعة قابلة سأل سائل فألقى إليه الرجل أحد الثوبين فزجره النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "خذ ثوبك إن أحدكم يتصدق بجميع ما عنده ثم يقعد يتكفف الناس خير الصدقة عن ظهر غنى" (٤) أي: ما فضل عن حاجته في نفسه وذويه، وفيه الخبر الذي ذكرنا أن رجلاً أتي النبي صلى الله عليه وسلم بمثل البيضة من ذهب (٥) وقد ذكرناه، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم: "قال إن لله عبادًا لا يصلح لهم إلا الغني فلو أفقرهم لأطغاهم ولله تعالى عبادًا لا يصلحهم إلا الفقر ولو أغناهم لأطغاهم"، وروي أن غيلان بن سلمة أراد أن يوصي بماله كله للمساكين فأكرهه عمر رضي الله عنه حتى رجع فيه، وقال: لو مت على رأيك لرجمت قبرك كما يرجم قبر أبي رغال، وكان بلال من أهل اليقين والقوة فدخل عليه رسول الله [٢٥٣ ب/٤] صلى الله عليه وسلم فرأى عنده كسرة خبز فقال: "ما هذا يا بلال. فقال: أفطرت الليلة على نصف قرص كان عندي وتركت النصف لأفطر عليه اليوم. فقال: أنفق بلالاً ولا تخشى من ذي العرش إقلالاً" قال أصحابنا: ولا ينبغي أن يمتنع من الصدقة باليسير فإن قليل الخير كثير قال الله تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] ويستحب البداءة بالخير في أقاربه وأهله، واحتج الشافعي بما روي أن امرأة ابن مسعود كانت صناعة -أي مشاطة عاملة بيديها- وليس له مال- يعني لبعد الله - فقالت له - أي لزوجها - شغلتني أنت وولدك عن التصدق إلى غيركم، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لك في ذلك أجران فأنفقي عليهم".


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٣٥٨)، وأبو داود (١٦٧٧)، والنسائي (٢٥٢٦)، والبيهقي في "الكبرى" (٧٧٧٢)، وفي "معرفة السنن) (١٢٣٥).
(٢) أخرجه أبو داود (١٦٧٨)، والترمذي (٣٦٧٥)، والحاكم (١/ ٤١٤)، والبيهقي في "الكبرى" (٧٧٧٤).
(٣) أخرجه ابن عدي في "الكامل" (٥/ ١٨٩١)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (٢/ ٢٥١).
(٤) أخرجه أبو داود (١٦٧٥)، وابن حبان (٨٤٠)، والحاكم (١/ ٢٨٥، ٤١٣)، والبيهقي في "الكبرى" (٧٧٧٧).
(٥) أخرجه أبو داود (١٦٧٣)، وابن حبان (٣٣٦١)، والحاكم (١/ ٤١٣)، والبيهقي في "الكبرى"، (٧٦٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>