للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرأس بالليل فيجوز، وإن دهن بالليل فدخل جوف رأسه بالنهار فلا يجوز وهذا ليس بشيء.

مسألة: قال (١): ويحتجم.

وهذا كما قال: يجوز للصائم أن يحتجم، قال في "الأم" (٢): ولو ترك كان أحب إلى وهذا لأنه يضعفه وربما أحوجه إلى الأفطار. وروى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا: "إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحجامة والوصال في الصوم إبقاء على أصحابه". وقال بعض أصحابنا: يكره له ذلك وظاهر المذهب أنه لا يكره لأنه قال: ويحتجم بعد قوله وينزل الحوض وذلك لا يكره كذلك هذا وبهذا قال ابن عمر وابن عباس وابن مسعود والحسن بن علي وأبو سعيد الخدرى وزيد ابن أرقم وأنس وأم سلمة وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وطاوس والقاسم بن محمد وسالم وعروة والشعبي والنخعي وأبو العالية وجماعة الفقهاء رضي الله عنهم.

وروى عن على بن أبى طالب وعائشة وأبى هريرة رضي الله عنهم وهو مذهب الحسن وعطاء والأوزاعي وأحمد [٣٢٨ ب/٤] وإسحاق وداود أن الحجامة تفطر الحاجم والمحجوم جميعًا واختاره ابن المنذر ومحمد بن إسحاق بن خُزيمة، وقال أحمد في رواية يلزم بها الكفارة واحتجوا بماروى رافع بن خديج وثوبان رضي الله عنهما" أن النبي صلى الله عليه وسلم مر برجل يحجم رجلًا فقال: أفطر الحاجم والمحجوم" (٣)، وهذا غلط لما روى مقسم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرمًا في حجة الوداع بالقاحة" (٤). وقال أنس: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في رمضان بعد ما قال: أفطر الحاجم والمحجوم"، وقال أنس إنما كره رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجامة للصائم مخافة الضعف. وروى البخارى مفصلاً فقال: "روى أنه احتجم وهو صائم"، وروى أنه احتجم وهو محرم. وروى أبو عريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث لا يفطرن الصائم، الحجامة والقيء والاحتلام".

وأما خبرهم أنهما قلنا: هو منسوخ بخبرنا ويحتمل أن يريد بذلك تعريفهما بذلك لأنه روى أنهما كانا يغتابان واحدًا فقال: هذا على طريق المجاز ومعناه [٣٢٩ أ/٤] بطل أجر صومهما كما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا صيام لأهل بيت اللحم، قيل: من هم يا رسول الله، فقال: الذين يصبحون يأكلون لحوم الناس" أي يغتابون، والذي يدل على هذا أن الحاجم لا يفطر إذا لم يصل إلى حلقه شيء على الصحيح من مذهبهم.


(١) انظر الأم (٢/ ٢٠).
(٢) انظر الأم (٢/ ٨٣)
(٣) أخرجه أبو داود (٢٣٦٧، ٢٣٦٩، ٢٣٧٠، ٢٣٧١)، والترمذي (٧٧٤)، وابن ماجخ (١٦٧٩، ١٦٨٠، ١٦٨١)، وأحمد (٢/ ٣٦٤، ٣٦٥)، والدارمي (٢/ ١٤، ١٥)، وعبد الرزاق (٢٥٢٣، ٢٥٢٥، ٧٥١٩).
(٤) أخرجه البخاري (١٩٣٨، ١٩٣٩)، وأبو داود (١٨٣٦)، والترمذي (٧٧٥)، والنسائي (٢٨٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>